وَهَذَا كُلُّهُ اخْتِيَارٌ مِنْهُ، وَإِيجَابٌ عَلَى الْفَضِيلَةِ، لَا عَلَى جِهَةِ الْفَرْضِ.
ثُمَّ عَلِمَ ﵇ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي النَّاسِ الْعَلِيلُ وَالْمَشْغُولُ، وَيَكُونُ فِي الْبَلَدِ الشَّدِيدِ الْبَرْدِ، الَّذِي لَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْغُسْلُ إِلَّا بِالْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ، فَقَالَ: "مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ" أَيْ فَجَائِزٌ.
ثُمَّ بَيَّنَ -بَعْدَ ذَلِكَ- أَنَّ الْغُسْلَ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ.
كَمَا نَهَى عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الْأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قَالَ: "بَدَا لِي أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يُتْحِفُونَ ضَيْفَهُمْ، وَيُخَبِّئُونَ لِغَائِبِهِمْ، فَكُلُوا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ"١.
وَنَهَى عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ، ثُمَّ قَالَ: "بدالي أَنَّ ذَلِكَ يُرِقُّ الْقُلُوبَ، فَزُورُوهَا وَلَا تَقولُوا هجرًا"٢.
١ أخرجه أَحْمد فِي مُسْنده: ٢/ ٩، ٣/ ٨٥،-٣٦٨، ٣٨٦، ٥/ ٢٧٧-٢٨١، ٦/ ١٥٠.
٢ كنز الْعمَّال برقم ٤٢٥٩٠، وَقد عزاهُ إِلَى مُسْند أَحْمد عَن أنس بل مَالك، وَلم أَجِدهُ فِي صَحِيح الْجَامِع وَلَا فِي ضعيفه. -الشَّيْخ مُحَمَّد بدير-.