Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Maison d'édition
دار الأدب الاسلامي
Numéro d'édition
الأولى
لَكِنَّ الفِتْيَةَ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ أَبِيهِمْ مِمَّا عَزَمَ عَلَيْهِ ...
فَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ طَاعِنٌ فِي السّنِّ، وَهُوَ إِلَى ذَلِكَ أَعْرَجُ شَدِيدُ العَرَجِ، وَقَدْ عَذَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيمَنْ عَذَرَهُمْ، فَقَالُوا لَهُ :
يَا أَبَانَا إِنَّ اللَّهَ عَذَرَكَ ، فَعَلَامَ تُكَلِّفُ نَفْسَكَ مَا أَعْفَاكَ اللَّهُ مِنْهُ ؟ ! .
فَغَضِبَ الشَّيْخُ مِنْ قَوْلِهِمْ أَشَدَّ الغَضَبِ، وَانْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَشْكُوهُمْ فَقَالَ :
يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ أَبْنَائِي هَؤُلَاءِ يُرِيدُونَ أَنْ يَحْبِسُونِي عَنْ هَذَا الخَيْرِ وَهُمْ يَتْذَرَّعُونَ (١) بِأَنِّي أَعْرَجُ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَطَأَّ بِعَرْجَتِي هَذِهِ الجَنَّةَ .
فَقَالَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَبْنَائِهِ: (دَعُوهُ؛ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ) ... فَخَلّوا عَنْهُ إِذْعَاناً لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
***
وَمَا إِنْ أَزِفَ(٢) وَقْتُ الخُرُوجِ، حَتَّى وَدَّعَ عَمْرُو بْنُ الجَمُوحِ زَوْجَتَهُ وَدَاعَ مُفَارِقٍ لَا يَعُودُ ...
ثُمَّ اتَّجَهَ إِلَى القِبْلَةِ وَرَفَعَ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ:
اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي الشَّهَادَةَ وَلَا تَرُدَّنِي إِلَى أَهْلِي خَائِباً .
ثُمَّ انْطَلَقَ يُحِيطُ بِهِ أَبْنَاؤُهُ الثَّلاثَةُ، وَجُمُوعٌ كَبِيرَةٌ مِنْ قَوْمِهِ بَنِي ((سَلَمَةَ)) .
وَلَمَّا حَمِيَ وَطِيسُ(٣) الْمَعْرَكَةِ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، شُوهِدَ عَمْرُو بْنُ الجَمُوحِ يَقْضِي فِي الرَّعِيلِ(٤) الأَوَّلِ، وَيَثِبُ عَلَى رِجْلِهِ الصَّحِيحَةِ وَثْباً وَهُوَ يَقُولُ:
(١) يتذرعون : يحتجون .(٣) الوطيس: التنور، ووطيس المعركة نارُها.
(٢) أزف : حان .(٤) الرعيل الأول: الفوج الأول .
81