Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Maison d'édition
دار الأدب الاسلامي
Numéro d'édition
الأولى
وَذَبَحَ تَقَرُّباً لِلَّهِ لَا لِلْأَنْصَابِ(١) وَالأَصْنَامِ، وَمَضَى إِلَى بِلَادِهِ فَأَمَرَ قَوْمَهُ أَنْ يَحْبِسُوا المِيرَةَ عَنْ قُرَيْشٍ؛ فَصَدَعُوا بِأَمْرِهِ وَاسْتَجَابُوا لَهُ، وَحَبَسُوا خَيْرَاتِهِمْ عَنْ أَهْلِ مَكَّةَ.
***
أَخَذَ الحِصَارُ الَّذِي فَرَضَهُ ثُمَامَةُ عَلَى قُرَيْشٍ يَشْتَدُّ شَيْئًا فَشَيْئًا، فَارْتَفَعَتِ الأَسْعَارُ، وَفَشَا(٢) الجُوعُ فِي النَّاسِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الكَرْبُ، حَتَّى خَافُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ مِنْ أَنْ يَهْلَكُوا جُوعاً.
عِنْدَ ذَلِكَ كَتَبُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَقُولُونَ:
إِنَّ عَهْدَنَا بِكَ أَنَّكَ تَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحُضُّ عَلَى ذَلِكَ...
فَكَتَبَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى ثُمَامَةَ بِأَنْ يُطْلِقَ لَهُمْ مِيرَتَهُمْ، فَأَطْلَقَهَا.
***
ظَلَّ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ - مَا امْتَدَّتْ بِهِ الحَيَاةُ - وَفِيًّا لِدِينِهِ، حَافِظاً لِعَهْدِ نَبِيِّهِ، فَلَمَّا الْتَحَقَ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالرَّفِيقِ الأَعْلَى، وَطَفِقَ العَرَبُ يَخْرُجُونَ مِنْ دِينِ اللَّهِ زُرَافَاتٍ(٣) وَوِحْدَاناً، وَقَامَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ فِي بَنِي حَنِيفَةَ يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِيمَانِ بِهِ، وَقَفَ ثُمَامَةُ فِي وَجْهِهِ، وَقَالَ لِقَوْمِهِ:
يَا بَنِي حَنِيفَةَ إِيَّاكُمْ وَهَذَا الأَمْرَ المُظْلِمَ الَّذِي لَا نُورَ فِيهِ...
(١) الأنصاب: ما عُبِدَ من دون اللَّهِ من تماثيل ونحوها. (٢) فشا الجوع: انْتَشَرَ. (٣) زرافات: جماعات.
64