Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Maison d'édition
دار الأدب الاسلامي
Numéro d'édition
الأولى
عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ
(لَقَدْ غَدَا عُمَيْرُ بْنُ وَهْبٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ بَعْضِ أَبْنَائِي) [عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ]
عَادَ عُمَيْرُ بْنُ وَهْبِ الجُمَحِيُّ مِنْ ((بَدْرٍ)) نَاجِياً بِنَفْسِهِ، لَكِنَّهُ خَلَّفَ وَرَاءَهُ ابْنَهُ ((وَهْباً)) أَسِيراً فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ كَانَ عُمَيْرٌ يَخْشَى أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْلِمُونَ الفَتَّى بِجَرِيرَةِ(١) أَبِيهِ، وَأَنْ يَشُومُوهُ سُوءَ العَذَابِ جَزَاءً مَا كَانَ يُنْزِلُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَذَى، وَلِقَاءَ مَا كَان يُلْحِقُ بِأَصْحَابِهِ مِنَ النكَالِ(٢).
***
وَفِي ذَاتِ ضُحًى تَوَجَّهَ عُمَيْرٌ إِلَى المَسْجِدِ لِلطَّوَافِ بِالكَعْبَةِ وَالتَّبَرُّكِ بِأَصْنَامِهَا، فَوَجَدَ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ(٣) جَالِساً إِلَى جَانِبِ الحِجْرِ(٤)، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ: عِمْ صَبَاحاً(٥) يَا سَيِّدَ قُرَيْشٍ.
فَقَالَ صَفْوَانُ: عِمْ صَبَاحاً يَا أَبَا وَهْبٍ، اجْلِسْ نَتَحَدَّثْ سَاعَةً؛ فَإِنَّمَا يُقَطَّعُ الوَقْتُ بِالحَدِيثِ.
فَجَلَسَ عُمَيْرٌ بِإِزَاءِ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَطَفِقَ الوَجْلَانِ يَتذْاكُرَانِ ((بَدْراً))، وَمُصَابَهَا العَظِيمَ، وَيُعَدِّدَانِ الأَسْرَى الَّذِينَ وَقَعُوا فِي أَيْدِي مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ،
بجريرة أبيه: بذنب أبيه.
النَّكال: الضررُ الشديدُ الذي يجعل المرءَ عِبْرَةً لِغيره.
صَفْوان بن أُميَّة بن خلف الجمحي القُرَشِي: وكنيته أَبُو وهب أسلم بعد الفتح، وكان شهماً جواداً من أشراف قُريْش وكان من المؤلفة قلوبهم، شهد معركة اليرموك ومات بمكة سنة ٤١ هـ.
الحجر: أي حجر إسماعيل عليه السلام من الكعبة، وهو ما حواه الحطيم المدار بالبيت، وقد اقتصرت قُرَيْش في بنيان الكعبة عنه لنفاد المال الحلال في بيوتهم.
عِمْ صباحاً: تحية العرب في الجاهلية.
44