Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Maison d'édition
دار الأدب الاسلامي
Numéro d'édition
الأولى
((الهُرْمُزَانِ)) (١) وَالقَضَاءِ عَلَيْهِ، وَتَحْرِيرِ مَدِينَةِ تُسْتَرَ ذُرَّةِ التَّاجِ الْكِسْرَويّ، وَلُؤْلُؤَةٍ بِلَادِ فَارِسَ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الأَمْرِ الَّذِي وَجَّهَهُ الخَلِيفَةُ لِأَبِي مُوسَى أَنْ يَصْحَبَ مَعَهُ الفَارِسَ البَاسِلَ ((مَجْزَأَةَ بْنَ ثَوْرِ السَّدُوسِيَّ ))سَيِّدَ بَنِي(( بَكْرٍ)) وَأَمِيرَهُمُ المُطَاعَ.
***
صَدَعَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ بِأَمْرِ خَلِيفَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَجَهَّزَ جَيْشَهُ، وَجَعَلَ عَلَى مَيْسَرَتِهِ مَجْزَأَةَ بْنَ ثَوْرِ السَّدُوسِيَّ، وَانْضَمَّ إِلَى جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ القَادِمَةِ مِنَ ((البَصْرَةِ))، وَمَضَوْا مَعاً غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
فَمَا زَالُوا يُحَرِّرُونَ المُدُنَ، وَيُطَهِّرُونَ المَعَاقِلَ، وَالهُرْمُزَّانُ يَفِرُّ أَمَامَهُمْ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ حَتَّى بَلَغَ مَدِينَةَ تُسْتَرَ، وَاحْتَمَى بِحِمَاهَا.
***
كَلِفَتْ ((تُسْتَرُ)) الَّتِي انْحَازَ إِلَيْهَا ((الهُرْمُزَانُ )) مِنْ أَجْمَلِ مُدُنِ الفُرْسِ جَمَالاً، وَأَبْهَاهَا طَبِيعَةً، وَأَقْوَاهَا تَحْصِيناً.
وَهِيَ إِلَى ذَلِكَ مَدِينَةٌ عَرِيقَةٌ (٢) ضَارِبَةٌ فِي أَعْوَارِ (٣) التَّارِيخِ، مَبْنِيَّةٌ عَلَى مُرْتَفَعٍ مِنَ الأَرْضِ عَلَى شَكْلِ فَرَسٍ، يَشُقُّهَا نَهْرٌ كَبِيرٌ يُدْعَى بِنَهْرِ دُجَيْلٍ.
وَفَوْقَهَا ((شَاذَرْوَانُ)) (٤) بَنَاهُ المَلِكُ ((سَابُورُ))؛ لِيَرْفَعَ إِلَيْهَا مَاءَ النَّهْرِ مِنْ خِلَالِ أَنْفَاقٍ حَفَرَهَا تَحْتَ الأَرْضِ.
وَشَاذَرْوَانُ تُسْتَرَ وَأَنْفَاقُهُ عَجِيبَةٌ مِنْ عَجَائِبِ البِنَاءِ، شُيِّدَ بِالحِجَارَةِ.
(١) الهُرْمُزّان: قائد جيوش الفرس.
(٢) مدينة عريقة: مدينة قديمة ذات حضارة.
(٣) أغوار التاريخ: أعماق التاريخ.
(٤) الشاذروان والشادروان: منهل ماء له حوض ونوافير، وربما وجدت فيه تماثيل حيوانات يخرج الماء من أفواهها.
160