Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
Maison d'édition
دار الأدب الاسلامي
Numéro d'édition
الأولى
إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ يُهَاجِرُ مِنْ أَرْضِهِ إِلَى أَرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ بَيْنَ حَرَّتَيْنِ(١)، وَلَهُ عَلَامَاتٌ لا تَخْفَى ...
فَهُوَ يَأْكُلُ الهَدِيَّةَ، وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ...
وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَلْحَقَ بِتِلْكَ البِلَادِ فَافْعَلْ.
ثُمَّ وَافَاهُ الأَجَلُ؛ فَمَكَثْتُ بَعْدَهُ ((بِعَمُّورِيَّةَ)) زَمَناً إِلَى أَنْ مَرَّ بِهَا نَفَرٌ مِنْ تُجَّارِ العَرَبِ مِنْ قَبِيلَةِ (( كَلْبٍ)).
فَقُلْتُ لَهُمْ: إِنْ حَمَلْتُمُونِي مَعَكُمْ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ أَعْطَيْتُكُمْ بَقَرَاتِي هَذِهِ وَغُنَيْمَتِي، فَقَالُوا:
نَعَمْ نَحْمِلُكَ، فَأَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا وَحَمَلُونِي مَعَهُمْ حَتَّى إِذَا بَلَغْنَا (( وَادِي الْقُرَى))(٢) غَدَرُوا بِي وَبَاعُونِي لِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ، فَالْتَحَقْتُ بِخِدْمَتِهِ ...
ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ زَارَهُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ مِنْ بَنِي (( قُرَيْظَةَ)) فَاشْتَرَانِي مِنْهُ، وَتَقَلَّنِي مَعَهُ إِلَى ((يَثْرِبَ)) فَرَأَيْتُ النَّخْلَ الَّذِي ذَكَرَهُ لِي صَاحِبِي ((بِعَمُّورِيَّةَ))، وَعَرَفْتُ المَدِينَةَ بِالوَصْفِ الَّذِي نَعَتَهَا بِهِ، فَأَقَمْتُ بِهَا مَعَهُ.
وَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ حِينَئِذٍ يَدْعُو قَوْمَهُ فِي مَكَّةَ، لَكِنِّي لَمْ أَسْمَعْ لَهُ بِذِكْرٍ لِانْشِغَالِي بِمَا يُوجِبُهُ عَلَيَّ الرِّقُّ.
***
ثُمَّ مَا لَبِثَ أَنْ هَاجَرَ الرَّسُولُ ﷺ إِلَى (( يَثْرِبَ))، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي رَأْسِ نَخْلَةٍ لِسَيِّدِي أَعْمَلُ فِيهَا بَعْضَ العَمَلِ، وَسَيِّدِي جَالِسٌ تَحْتَهَا إِذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَمٍّ لَهُ وَقَالَ لَهُ :
(١) الحرة: أرض ذات حجارة سود نخرة.
(٢) وادي القرى: واد بين المدينة والشّام، وهو أقربِ إِلَى المدينة.
114