108

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

Maison d'édition

دار الأدب الاسلامي

Numéro d'édition

الأولى

قُلْتُ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى كَنْزٍه.

قَالُوا: نَعَمْ دُلَّنَا عَلَيْهِ، فَأَرَيْتُهُمْ مَوْضِعَهُ فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهُ سَبْعَ قِلَالٍ مَمْلُوءَةً

ذَهَبًا وَفِضَّةً، فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوا:

وَاللَّهِ لَا نَدَعْهُ، ثُمَّ صَلَبُوهُ وَرَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ.

ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَمْكُثْ غَيْرُ قَلِيلٍ حَتَّى نَصَّبُوا رَجُلًا آخَرَ مَكَانَهُ، فَلَزِمْتُهُ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَزْهَدَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا، وَلَا أَرْغَبَ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا أَدْأَبَ مِنْهُ عَلَى الْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا، فَأَحْبَبْتُهُ حُبًّا جَمًّا(١)، وَأَقَمْتُ مَعَهُ زَمَانًا، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ:

يَا فُلَانُ إِلَى مَنْ تُوصِي بِي، وَمَعَ مَنْ تَنْصَحُنِي أَنْ أَكُونَ مِنْ بَعْدِكَ؟.

فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا عَلَى مَا كُنْتُ عَلَيْهِ إِلَّا رَجُلًا ((بِالْمَوْصِلِ))(٢) هُوَ فُلَانٌ لَمْ يُحَرِّفْ وَلَمْ يُبَدِّلْ فَالْحَقْ بِهِ.

فَلَمَّا مَاتَ صَاحِبِي لَحِقْتُ بِالرَّجُلِ فِي الْمَوْصِلِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَيْهِ قَصَصْتُ عَلَيْهِ خَبَرِي وَقُلْتُ لَهُ:

إِنَّ فُلَانًا أَوْصَانِي عِنْدَ مَوْتِهِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّكَ مُسْتَمْسِكٌ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ، فَقَالَ:

أَقِمْ عِنْدِي ... فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ فَوَجَدْتُهُ عَلَى خَيْرِ حَالٍ.

ثُمَّ إِنَّهُ لَمْ يَلْبَثْ أَنْ مَاتَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قُلْتُ لَهُ:

يَا فُلَانُ لَقَدْ جَاءَكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى وَأَنْتَ تَعْلَمُ مِنْ أَمْرِي مَا تَعْلَمُ، فَإِلَى مَنْ تُوصِي بِي؟ ... وَمَنْ تَأْمُرنِي بِاللَّحَاقِ بِهِ؟.

(١) حُبًّا جَمًّا: محبًا كثيرًا.

(٢) الموصل: مدينة قديمة عَلَى نهر دجلة بالعراق.

112