مصر، وحقّق له رؤياه التي رأى في صغره ﴿إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾ ١ بعد أن أتمّ الله ﷿ له هذه النعمة قال تعالى في بيان شأنه ذلك: ﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ ٢ ثم دعا يوسف ﵇ قائلًا ﴿ربّ قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السّماوات والأرض أنت وليّي في الدّنيا والآخرة توفّني مسلمًا وألحقني بالصّالحين﴾ ٣ لقد قدّم الصديق يوسف ﵇ توسله إلى ربه ﷿ بأن ذكر إحسان ربه عليه بإخراجه من السجن، وإنجائه من كيد امرأة العزيز ومن معها من النسوة، وأردف ذلك بذكر إنعام الله ﷿ عليه بأن جاء بأبويه وإخوته من البدو لتقر عينه وأعينهم باللقاء والاجتماع بعد ذلك الفراق الطويل، وكذا ما أنعم به عليه من ردّ كيد الشيطان الذي نزغ بينه وبين إخوته، فوقع بينهم ما وقع، وكل هذا الإحسان، وهذا اللقاء الذي كان على هذه الصفة العجيبة تم بلطف ربه الذي يفعل ما يشاء بلطفه وعلمه وحكمته، وهذا توسل آخر بأسماء الله ﷿ الحسنى، ومن ثمّ يتوجه إلى ربه ويدعوه متوسلًا له بإقراره بنعمته عليه إذ آتاه ملكًا، وعلمه تأويل الرؤى، وهذا ما كان سببًا في جعله وزيرا للخزائن، وتوسل بكون ربه فاطر السموات والأرض أي ابتدأ خلقهما وأوجدهما على غير مثال سابق، وتوسل بكون الله ﷿ وليه