واثنتا عشرة سنة مرت من يوم نجاح الزعيم إلى يوم وفاته.
شطران غير متعادلين في حساب الأرقام ولا في حساب الحوادث، وأشقاهما الشطر الذي كان بعد النجاح.
وصح في سيرة هذا الزعيم، كما صح في سير الكثير من الزعماء، أن أعباء النجاح أثقل من أعباء الاضطهاد والكفاح!
بل كان هذا أصح ما كان في سيرة زعيم الصين.
لأن ثورته كانت سعيا متلاحقا إلى الأمام، ولكن عمله في الحكومة كان أشبه بساع يسعى وهو مشدود إلى الجهات الأربع، فكل تقدم من ناحية نكوص من أنحاء.
كان عليه في سياسته مع الدول أن يبطل سيادتها على بلاده، ويلغي «حقوقها» المغتصبة ويزيد الرسوم على تجارتها التي تتدفق على بلاده بغير رسوم، أو تؤخذ رسومها عوضا من الغرامات والديون.
وكان عليه في الوقت نفسه أن يقترض منها لتصنيع الصين وتعميرها وتجديد مرافقها على أحدث طراز، كي تدفع المزاحمة الملحة عليها من مصانع الدول الأجنبية.
وكان عليه أن ينقذ الصين من الخراب إذا بقيت «حقوق» الدول جاثمة على صدرها، وأن ينقذها من الخراب إذا أبت هذه الدول أن تسخو له بالمزيد من القروض.
كان عليه أن يهادن اليابان؛ لأنها تصد الدول عن بقاع القارة الآسيوية وتنادي «بآسيا للآسيويين».
وكان عليه أن يهاجم اليابان؛ لأنها تعني أن الصين لليابان دون سائر الدول الغربية، حين تذود تلك الدول عن القارة الآسيوية.
Page inconnue