============================================================
تراه فيها، فإذا رأيت جماعة يتحدثون فاجلس اليهم واستمع ما يفيضون فيه، فاذا رجعت إلى سيدك وخلوت معه فقل : رأيت اليوم كذا وكذا وسمعت من يقول كذا وكذا؛ فإن فى هذه سلية له، وأنسا من وحشته ويوشاى إذا فعلت ذلك أن تحظى بما عنده . ففعل ما أمره به الجاسوس فقال له سيده : من دلاى على فعل هذا : فقال الغلام: أنا فطنت له ففعلته، فقال له سيده : كلا ليس هذا فى قوى عقلك، فاخبرنى بمن دلك عليه .
فقال الغلام : دلنى عليه جار لك يبيع الفخار، ما رأيت أجهل ولا أبله منه فقال له سيده : من الذى دلك على بلهه(1) وجهله 9 فقال الغلام : إنه صحبنى اكثر من شهر، وهو لا يعرف من آنا ولا من سيدى، ونكرت له ملك كسرى فاذا هو لا يعرفه، فلما سمع الرسول ذلك استراب منه وحدس آنه متجسس عليه، لما راى انه قد افرط فى تجاهله .
لوكان يقال : من أفرط فهو كمن فرط ، ومن احتفل فى غلوه استفل(2) عن علوه: لوكان يقال : ما دل على الأحوال كالأقوال ، ولا هنك قناع العقول كسماع المقول: الوكان يقال : من لم تعرفى غائبا آنناه لم تعرفك شاهدا عيناه .
قل : فلما سمع الرسول مقالة عبده أمره أن ياتيه به ، ففعل ، ولما رآه الرسول حقق ما كان ظنه به من كونه جاسوسا عليه، فاكرمه وقربه وتظاهر اله بغباوة وجهل لا مزيد عليها ، وسأله أن يواصل زيارته، فلبث الجاسوس متفقدا حال الرسول فى ليله ونهاره مدة متراخية، ولما ظن ذلك الجاسوس أنه قد حصل ما أراد علمه من أمر رسول كسرى، ذهب إلى الملك فأخبره أن ذلك االرسول فدم عيى(1)، لا نكاء له ولا غاء عنده لكثر من النه نو نجدة وفروسية الاونفس أبية، فوثق الملك بقوله وتخيل الرسول بالصورة للتى مله بها لاجاسوس عنده 1)ضعف عقله وعجز رپه.
(2) أى سقط وهبط .
(3) أى ذو حماقة وغباء .
Page 84