La marche pour comprendre les états des rois
السلوك لمعرفة دول الملوك
Enquêteur
محمد عبد القادر عطا
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤١٨هـ - ١٩٩٧م
Lieu d'édition
لبنان/ بيروت
الضُّعَفَاء وَفَشَا الْمَوْت وَأَكْثَره فِي الجياع. وَصَارَت الأقفاص الَّتِي يحمل فِيهَا الطَّعَام يحمل فِيهَا الْأَمْوَات وَلَا يقدر على النعوش إِلَّا بالنوبة وامتدت الْأَيْدِي إِلَى خطف أَلْوَاح الْخبز وَيضْرب من ينهب ويشج رَأسه ويسال دَمه وَلَا يَنْتَهِي وَلَا يَرْمِي مَا فِي يَده مِمَّا خطفه وَعدم الْقَمْح إِلَّا من جِهَة الشريف ابْن ثَعْلَب فَإِن مراكبه تتواصل وتبيع بشونه. وَورد الْخَبَر فِي تَاسِع صفر بِأَن تَابُوت الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين نقل فِي يَوْم عَاشُورَاء من قلعة وَفِي تَاسِع عشريه: قدم الْملك الزَّاهِر دَاوُد مجير الدّين صَاحب البيرة وسابق الدّين عُثْمَان صَاحب شيرز وبهاء الدّين بن شَدَّاد قَاضِي حلب فَخرج الْعَادِل لتلقيهم ببركة الْجب وَقدم الْعِمَاد الْكَاتِب أَيْضا. وَورد الْخَبَر بِأَن عربان الغرب هَبَطُوا إِلَى الْبحيرَة واشتروا الْقَمْح كل ويبة بِدِينَار وَأَن بِلَاد الغرب قد عدمت فِيهَا الأقوات فِي السّنة الخالية وانقطعت عَنْهَا الأمطار السّنة الْحَاضِرَة وَزَاد الْجَرَاد بِالشَّام وَعظم خطبه وَكَثُرت بِمصْر والقاهرة الْأَمْرَاض الحادة والحميات المحرقة وزادت وأفرطت. وغلت الْأَشْرِبَة وَالسكر وعقاقير الْعَطَّار وبيعت بطيخة بأَرْبعَة وَعشْرين درهما وَصَارَ لفروج لَا يقدر عَلَيْهِ وانْتهى سعر الْقَمْح إِلَى مِائَتي دِينَار كل مائَة أردب وَغلظ الْأَمر فِي الغلاء وَعدم الْقُوت وَكثر السُّؤَال وَكَثُرت الْمَوْتَى بِالْجُوعِ. وخطف الْخبز مَتى ظهر وشوهد من يستف التُّرَاب وَمن يَأْكُل الزبل. وازدحم النَّاس على الطير الَّذِي يرْمى من مطابخ السكر. وَكَثُرت الْأَمْوَات أَيْضا بالإسكندرية وتزايد وجود الطرحى بهَا على الطرقات وعدمت الْمُوَاسَاة وَعظم هَلَاك الْأَغْنِيَاء والفقراء وانكشاف الْأَحْوَال وشوهد من يبْحَث الْمَزَابِل الْقَدِيمَة على قشور الترمس وعَلى نقاضات الموائد وكناسات الآدر وَمن يقفل بَابه وَيَمُوت وَمن عمي من الْجُوع وَيقف على الحوانيت وَيَقُول: أشموني رَائِحَة الْخبز. واستخدم رجل فِي ديوَان الزَّكَاة وَكتب خطه بمبلغ اثْنَيْنِ وَخمسين ألف دِينَار لسنة وَاحِدَة من مَال الزَّكَاة وَجعل الطواشي ببهاء الدّين قراقوش الشاد فِي هَذَا المَال وَألا يتَصَرَّف فِيهِ وَأَن يكون فِي صندوق مودعا للمهمات الَّتِي يُؤمر بهَا. وَوَقع لِابْنِ ثَعْلَب الشريف الْجَعْفَرِي بِخبْز مبلغه فِي السّنة سِتُّونَ ألف دِينَار وَدفع لَهُ كوس وَعلم وَآل الْأَمر إِلَى وقُوف وَظِيفَة الدَّار العزيزية عَلَيْهِ من لحم وخبز وَإِلَى أَن يتمحل فِي بعض الْأَوْقَات لَا كلهَا لبَعض مَا يتبلغ بِهِ أَهلهَا من خبز وَكثر ضجيجهم وشكواهم فَلم يسمع.
1 / 244