139

La marche pour comprendre les états des rois

السلوك لمعرفة دول الملوك

Enquêteur

محمد عبد القادر عطا

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤١٨هـ - ١٩٩٧م

Lieu d'édition

لبنان/ بيروت

فَأمر بنقب الدَّار وَأخرج الْمَرْأَة وَسلمهَا لأَبِيهَا وَأعَاد بِنَاء النقب فَغَضب عبد الْكَرِيم وَسَار إِلَى الْقَاهِرَة وبذل للأمير فَخر الدّين جهاركس خَمْسَة آلَاف دِينَار مصرية ووعد خزانَة الْملك الْعَزِيز بِأَرْبَعِينَ ألف دِينَار على ولَايَة قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة وَحمل ذَلِك بأجمعه إِلَى فَخر الدّين جهاركس. فَأحْضرهُ جهاركس إِلَى الْعَزِيز وَهُوَ حِينَئِذٍ فِي غَايَة الضَّرُورَة إِلَى المَال وَقَالَ: هَذِه خزانَة مَال قد أَتَيْتُك بهَا من غير طلب وَلَا تَعب وعرفه الْخَبَر. فَأَطْرَقَ الْعَزِيز مَلِيًّا ثمَّ رفع رَأسه وَقَالَ: أعد المَال إِلَى صَاحبه وَقل لَهُ إياك وَالْعود إِلَى مثلهَا فَمَا كل ملك يكون عادلا وعرفه أَنِّي إِذا قبلت هَذَا مِنْهُ أكون قد بِعْت بِهِ أهل الْإسْكَنْدَريَّة وَهَذَا لَا افعله أبدا. فَلَمَّا سمع هَذَا جهاركس وجم وَظهر فِي وَجهه التَّغَيُّر. فَقَالَ لَهُ الْعَزِيز: أَرَاك واجما أَظُنك أخذت على الوساطة شَيْئا. قَالَ: نعم خَمْسَة آلَاف دِينَار. فَأَطْرَقَ الْعَزِيز ثمَّ قَالَ: أَعْطَاك مَالا تنْتَفع بِهِ وَأَنا أُعْطِيك فِي قبالته مَا تنْتَفع بِهِ مَرَّات عديدة ثمَّ وَقع لَهُ بِخَطِّهِ إِطْلَاق جِهَة طنبدة ومغلها فِي السّنة سَبْعَة آلَاف دِينَار فلامه أَصْحَابه وألحوا عَلَيْهِ فِي الِاقْتِرَاض من القَاضِي الْفَاضِل فاستدعاه إِلَى مَجْلِسه بمنظرة من دَار الوزارة كَانَت تشرف على الطَّرِيق فعندما عاين القَاضِي الْفَاضِل استحيا مِنْهُ وَمضى إِلَى دَار الْحرم احتراما لَهُ من مخاطبته فِي الْقَرْض فَلم يزل الْأُمَرَاء بِهِ حَتَّى أَخْرجُوهُ من عِنْد الْحرم. فَلَمَّا اجْتمع بالفاضل قَالَ لَهُ بعد أَن أطنب فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ: قد علمت أَن الْأُمُور قد ضَاقَتْ عَليّ وَقلت الْأَمْوَال عِنْدِي وَلَيْسَ لي إِلَّا حسن نظرك وَإِصْلَاح الْأَمر إِمَّا بِمَالك أَو بِرَأْيِك أَو بِنَفْسِك. فَقَالَ القَاضِي الْفَاضِل: جَمِيع مَا أَنا فِيهِ من نعمتكم وَنحن نقدم أَولا الرَّأْي وَالْحِيلَة وَمَتى احْتِيجَ إِلَى المَال فَهُوَ فِي يَديك. وَاتفقَ أَن الْعَادِل لما اشْتَدَّ على أَصْحَابه الغلاء والضيق استدعى القَاضِي الْفَاضِل برَسُول قدم مِنْهُ على الْعَزِيز فسيره إِلَيْهِ. وَقد قيل إِن الْعَزِيز لما جرى على المراكب الَّتِي جهزها إِلَى بلبيس مَا جرى خَافَ على الْملك أَن يخرج من يَده فسير إِلَى عَمه فِي السِّرّ يعرفهُ أَنه قد أَخطَأ وَأَنه قد عزم على اللحاق بِبِلَاد الْمغرب ويسأله الاحتفاظ بحرمه وَأَوْلَاده. فرق لَهُ الْعَادِل واستدعى القَاضِي الْفَاضِل فَلَمَّا قرب مِنْهُ ركب إِلَى لِقَائِه وأكرمه ومازالا حَتَّى تقرر الْأَمر على أَن الأَسدِية والأكراد يرجعُونَ إِلَى خدمَة الْعَزِيز من غير أَن يؤاخذهم بِشَيْء وَيرد عَلَيْهِم إقطاعاتهم وَيحلف الْعَزِيز لَهُم ويحلفون لَهُ وَأَن يكون الْعَادِل مُقيما بِمصْر عِنْد الْعَزِيز ليقرر قَوَاعِد ملكه وَأَن الْعَزِيز وَالْأَفْضَل يصطلحان ويستقر كل مِنْهُمَا على مَا بِيَدِهِ. فَعَاد القَاضِي الْفَاضِل وَقد تقرر الْأَمر على مَا ذكر وَحلف كل مِنْهُم لصَاحبه على الْوَفَاء.

1 / 240