Le Sultan Mehmed le Conquérant : le conquérant de Constantinople
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Genres
كان هؤلاء الأولاد الشبان يؤخذون كذلك من الأسرى، فكان السلطان ينتقي خيرة الأسرى وأولاد الأرستقراطية المسيحية ليضمهم إلى حكومته وجيوشه، أو كانوا يشترون أو يفرضون على أهل الذمة كضريبة، واتبع نظام خاص في جمع أولاد الجزية هؤلاء، فعين موظفون لذلك الغرض يذهبون كل أربع سنوات إلى القرى وعين لكل منهم العدد الذي يجمع.
كان هؤلاء الأولاد والشبان يجمعون عادة من الجبال ومن الأماكن الفقيرة والقرى الصغيرة في سن لا تربطهم بالأهل فيها روابط كثيرة متينة، في سن فيها الشك في الدين، وفيها انتقاد التقاليد، ويغلب فيها حب المغامرة والانتقال والسفر وتغيير نمط الحياة، يسمو فيها الخيال إلى العظمة والمجد، في سن أصلح للأخذ من السن التي قبلها سن الطفولة والسن التي تليها سن الاستقرار وتكوين العائلة، فكانوا يؤخذون في سن المراهقة.
يؤخذ هؤلاء الأولاد ليدربوا أحسن تدريب عسكري عرفه العالم في ذلك الوقت، ولتفتح أمامهم سبل الحياة، ويبتسم لهم المستقبل الزاهر.
وهؤلاء الذين اختيروا يصيرون عبيدا للسلطان، رقيقا له من يوم ما جمعوا، يصبحون مماليك السلطان بكل معاني الكلمة، هم مماليكه مدى الحياة ومهما ارتفعوا إلى مراكز عظيمة فهم يظلون دائما رهن إشارته وتحت تصرفه لا يعتبرون حياتهم ملكا لهم، فهو الذي اختارهم وهو الذي رباهم، وهو الذي علمهم، وهو الذي رقاهم. وهم مخلصون له الطاعة، مدينون له بكل شيء .
خلق هذا النظام المحكم للدولة العثمانية خداما مخلصين للسلطان، يتبعون أوامره، ويلتفون حوله، ويدافعون عنه ويحاربون في صفوفه، ولما كانوا قد تلقوا أحسن تدريب عرفه العالم في ذلك الوقت، كانوا خيرة جنود العالم، يخاف سطوتهم العدو، ولا يقف أمامهم شيء، هذا إذا كانت شخصية سيدهم والمدبر لشئونهم السلطان قوية محبوبة محترمة مهيبة الجانب، ولقد كان سلاطين الدولة العثمانية إلى عهد الفاتح من أقوى الشخصيات التي عرفها التاريخ في أي دولة ناشئة.
وهذا النظام، فضلا عن أنه ينشئ للحكم أفرادا صالحين، فهو يضيف إلى الأتراك والمسلمين عناصر سليمة فتية قوية، ويقول البعض إنه قد يشوب إخلاص هؤلاء للدين الإسلامي بعض الشوائب. لقد أثبت التاريخ العثماني أن كثيرا من هؤلاء خدموا الدولة واشتركوا في إقامة صرحها وفي رفع ذكرها وكانت لهم يد طولى في بناء مجدها.
وعلى أي حال فأولاد هؤلاء من بعدهم يربون في بيئة إسلامية صرفة فينشئون مسلمين وينضمون إلى بقية أفراد الشعب التركي؛ إذ لم يكن مسموحا لهم أن يصبحوا كآبائهم أعضاء في هيئة الحكم.
فليس الرق في الدولة العثمانية إذن نظاما شائنا أو عارا، ولم يكن نظاما للمستضعفين، فالوزير في الدولة يفخر بأنه عبد السلطان، وأصحاب القوة والسطوة والنفوذ كان معظمهم - إن لم يكن كلهم - رقيق السلطان.
وأما الجيش فكان مكونا من عناصر مدربة أحسن تدريب لا تعرف عملا لها سوى الخدمة العسكرية وأمور الحرب والإخلاص في طاعة السلطان، يمنحها المستقبل الزاهر والثروة والجاه. ونظام الجيش يقوم على أساسين؛ النظام الإقطاعي: فالسلطان يهب الأرض على شرط أن يقوم صاحبها بالخدمة العسكرية في الوقت الذي يطلبه فيه السلطان، وعليه أن يعد الخيل اللازمة له ولأتباعه الذين يتحدد عددهم بمقدار إيراد الأرض، وهذا النظام يشبه النظام الإقطاعي الأوروبي ولكنه أصلح منه من الناحية الحربية، فهؤلاء المقطعون يخدمون السلطان في أي وقت يشاء، ولأي مدة يريدها لا لمدة أربعين يوما كما هي الحالة في أوروبا.
والأساس الثاني هو أساس الرق: وجنود هذا النظام يختارون كما تختار هيئة الحكم، ولم يكن أفراد الجيش حين يدخلون خدمة السلطان مجبرين على اعتناق الدين الإسلامي، ولكن أحيط قبول الدين بكل مظاهر الإكرام، فلقد مهدت لمن يعتنقون الإسلام السبل للترقي المستمر وأبعدوا عن الوسط المسيحي، وتربوا في جو إسلامي بحت؛ وبذا نسي هؤلاء تقاليدهم القديمة، وأثر في ميولهم وعقليتهم الدين الجديد.
Page inconnue