Le Sultan Mehmed le Conquérant : le conquérant de Constantinople
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
Genres
رجع السلطان إلى أدرنة حيث أتم استعداداته، وعمل على منع أخوي الإمبراطور في شبه الجزيرة الإغريقية من مده بالمساعدة. وذلك بأن أرسل جيشا قويا إلى المورة بقيادة طورخان فاكتسح بلاد المورة من أقصاها إلى أقصاها، وتمكن من وقف أي إمدادات مقصدها المدينة المحاصرة.
وكان لبناء ذلك الحصن على ضفة البسفور أثر كبير في حركة المرور بالبوسفور، فلما حاولت بعض السفن الآتية من البحر الأسود ومقصدها القسطنطينية، لما حاولت هذه السفن المحملة بمواد التموين المرور ولم تأبه لأوامر الحصون العثمانية دمر بعضها وقتل الكثير من رجالها. وبذلك ثبط العثمانيون من عزم أصحاب السفن التجارية، وشلوا حركة النقل.
ولقد جمع السلطان محمد الثاني في قصره في أدرنة قواد جيشه، ورسم لهم خطته، وذكرهم بمجد أسلافه وبانتصاراتهم الباهرة، وبين لهم أن قوة الإمبراطورية البيزنطية قد ضعفت واضمحلت، وأنه لم يبق أمامهم سوى عقبة واحدة في سبيل فناء هذه الإمبراطورية، فيجب الاستيلاء على مدينة القسطنطينية بأي ثمن، وأن الظروف السياسية والحربية مواتية، ولدى الأتراك القوة الكافية لتحطيم أي مقاومة، وأنه يجب الإسراع بإنجاز هذه المهمة قبل أن تستعد أوروبا للقيام بنجدة هذه المدينة، وقبل أن تصلها الإمدادات والمؤن التي قد تطيل أمد الحصار؛ ولذا لا بد من بدء هذه الحرب والسير فيها إلى أن ينزل الله نصره.
ونفذ السلطان محمد الثاني مشروعه بقوة وعزم منقطعي النظير، كان قادرا بطلا ذا جراءة، وشكيما منظما حديدي الإرادة، وتم استيلاؤه على كل الحصون التي لا زالت باقية في تراقيا حتى يحمي مؤخرة جيشه، وكذلك احتل كل المدن الواقعة على البحر الأسود وبحر مرمرة، واكتسحت جنوده ضواحي العاصمة، فبلغ الذعر فيها منتهاه، وعم القلق، وتناقل الناس الأقاصيص والخرافات والأساطير، وكثرت التنبؤات عن مصير المدينة المنكودة الحظ، وتزايدت النذر باندثار أعظم مدينة مسيحية، وأحس المسيحيون بهزات أرضية عنيفة، وفي السماء كثر الرعد والبرق، وهطلت الأمطار المتدفقة، وخيل للقوم أن نجوما جديدة في السماء قد ظهرت، لقد عمت الهستريا في الواقع عقول سكان المدينة المحاصرة، فكثرت أقاويلهم، وتبلبلت ألسنتهم وهلعت نفوسهم، وبلغت القلوب الحناجر وظنوا بالله الظنون.
ولكنه في نفس ذلك الوقت العصيب كان الإمبراطور الشجاع قسطنطين وزمرة من الشجعان من أهل المدينة قد أخذوا في تحصين المدينة، وإعداد وسائل الدفاع بكل ما استطاعوا من قوة حسبما سمحت لهم الظروف، وكان أول واجب هو إصلاح الأسوار المتهدمة التي أبلاها الدهر، وعفت أمام إغارات الغازين المتكررة. واستعملت لذلك أحجار القبور وكثير من الآثار القديمة والمنازل، وجمعت الذخائر والأسلحة بكل سرعة، وكذا الغلال والزيت، وجمعت الأموال التي يمكن الحصول عليها، وبعثت البعثات الصارخة إلى أوروبا، تطلب القوت والنجدة وتبكي حظ المسيحية في كل مكان فيه للمسيحية سلطان وقوة، واستمر ذلك طوال ذلك الشتاء الكئيب المكفهر، وكان معظم سكان المدينة قد فقد الأمل من وصول أي نجدة، وإن كان المسيحيون في أوروبا قد ظلت لديهم بعض الآمال في حدوث معجزة تنقذ حصن المسيحية الشرقي.
وثابر السلطان على تجهيز استعداداته للهجوم وتنظيم وسائله، فجمع جيشا عظيما ربما بلغ ربع المليون أو أكثر كما يرى هامر، وأنشأ أسطولا ضخما، وشحن حصونه بالأسلحة والذخيرة للقضاء على هذه المدينة البائسة. ومن شهر فبراير سنة 1453 بدأ بإرسال مدافعه وأخذ في الإسراع بإنشاء السفن. وقامت بعض السفن الإغريقية بالهجوم على الشواطئ التركية الإسلامية، فأخذت من قدرت عليه، وقتلت من قتلت، وخربت ما خربت، وباعت في الأسواق من باعت، فلما علم السلطان بذلك استشاط غضبا، وأقسم لينتقمن من سكان المدينة شر انتقام.
وكان الإمبراطور قد علم بهذه الاستعدادات العظيمة - كما يقال - عن طريق خليل باشا وزير السلطان، الذي يرى بعض المعاصرين أنه لم يكن مخلصا للسلطان بدليل اتصاله بقسطنطين وإخباره بما يعتزم عليه السلطان محمد الثاني من إيقاد نار الحرب والاستيلاء على المدينة. ولكنا لا ندري إذا كان خليل باشا قد كشف للإمبراطور البيزنطي عن أسرار مولاه أو عن خططه الحربية حتى تستطيع اتهامه بالخيانة. وعلى أي حال لقد ظل السلطان يثق به ثقة كبيرة طوال وقت الحصار وإن لم يأخذ برأيه في فك الحصار عن المدينة. ولكن حين تجمعت له الأدلة عن اتصاله بالأعداء وذلك بعد سقوط القسطنطينية أمر بضرب عنقه.
ولقد استمرت استعدادات كل من الأتراك والبيزنطيين طول وقت الشتاء، وجاءت إلى القسطنطينية بعض الإمدادات الضعيفة مثل سفينتين بندقيتين استطاعتا بصعوبة أن تنفذا من البوسفور وتلقيا مراسيهما في القرن الذهبي.
وجاء الكاردينال إيزيدور مبعوث البابا بمائتي مقاتل لنجدة المدينة ولإتمام توحيد الكنيستين الشرقية والغربية، وتبعته ثماني سفن من كريت تحمل النبيذ للمحاصرين، وكثرت اجتماعات المجالس واللجان في القسطنطينية وزاد طلب النجدات، وبعثت البعثات إلى المجر تطلب العون من بطلها هونيادي بألا يترك إخوانه البيزنطيين يسقطون صرعى في أيدي الأتراك العثمانيين. ولكن هذه الاستغاثات لم تجد استجابة ولم تلق غير التأييد اللفظي.
ثم جاء جون جوستينياني الجنوي على سفينة محملة بالمؤن والذخائر، ومعها أخرى وخمسمائة من رجاله فكانت جملة من معه سبعمائة. ولقد استقبله الإمبراطور استقبالا عظيما، وعينه قائدا لقوات البرية.
Page inconnue