141

وقد يكون معني تردده ، انه كان يرى اتقاء الفضيحة التي لا يسرها عذر امام العالم الاسلامي ، في محاربة سيدى شباب أهل الجنة ، ابني بنت رسول الله صلى الله عليه واله ، وجها لوجه.

وقد يكون انما أغراه باتخاذ هذه الوسيلة دون وسيلة السلاح ، كتب الخونة من رؤساء الكوفة وزعماء قبائلها « يعرضون بها له السمع والطاعة ، ويتبرعون له بالمواعيد ، ويتخذون عنده الايادي ، ويستحثونه على المسير نحوهم ، ويضمنون له تسليم الحسن عند دنوهم من عسكره ، أو الفتك به (1)».

وكان من أبرع اساليب « الفتنة » ان يجمع معاوية كل ما ورد عليه من كتب هؤلاء ، ثم يدعو كلا من المغيرة بن شعبة وعبدالله بن عامر بن كريز وعبدالرحمن بن الحكم ، فيوفدهم جميعا بهذه الكتب كلها الى الحسن (2) نفسه ليطلع عليها ، وليعرف نوايا أصحابها من متطوعة صفوفه ، ثم ليكون من اللفتة البارعة مدخل للمفاوضة في الصلح أو التفاهم على نصف من الامر ، فيما لو وجد هذا الوفد من جانب الحسن عليه السلام استعدادا لتفاهم او صلح.

وتفقد الحسن خطوط الكوفيين وتواقيعهم بشيء من العناية وألامعان كما لو كان يعرف قبل ذلك خطوطهم وتواقيهم وتأكد صحة نسبة الكتب لاصحاب التواقيع ، ولكنها لم تكن لتزيده معرفة بأصحابها ، ولم ير فيها جديدا لا يعهده من هذه الطبقة المعروفة بميولها وأهوائها وشذوذها الخلقي ، الذي جر عليه الشيء الكثير من المآسي والنكبات في شتى مراحله منذ فاه بدعوة الجهاد.

ثم رجع بخطابه الى الوفد الشامي ، دقيق العبارة لا يبت بأمر ولا ينكشف عن سر ، ولم يترك النصيحة للمغيرة ورفاقه ، بالدعوة الى الله عز وجل ، عن طريق نصرته وترك البغي عليه ، وذكرهم بما هم مسؤولون

Page 161