ومنه إنه التمس أن لا يكون خطيب الجمعة الأحنفيا في أيام الموسم لأن غالب الحجاج من طائفة الأروام. وخطر بباله هذا المعنى في أول جمعة بعد الحج وهي الموافقة للسادس عشر من ذي الحجة الحرام. فأرسل إلى حضرة مولانا الشريف وقد ناهزت الشمس الزوال. والتمس من حضرته ذلك فأجابه إلى السؤال. وكان الخطيب ذلك اليوم شافعيًا وقد عقد طيلسانه. واصلت لادآء الخطبة منصله ولسانه. فأرسل حضرة مولانا الشريف إلى حضرة هذا الفقير. وأمره بمباشرة الجمعة وقد أدرك وقتها غير يسير فقابل الأمر بالامتثال. وبرز على غير أهبة في الحال. فجمله الله ببركة ملاحظتكم وسدده. وكان الاستمداد في ذلك اليوم من أنفاسكم مدده. فخطب خطبة ارتجلها على المنبر. وكان المشار إليه في مقام إبراهيم البر. وكان الخطيب بذلك المجمع. بمرأى من أسعد ومسمع. فتعجب من تلك البديهه. وقرض المحب بما يقتضي تنويهه. فالله تعالى يمددنا بمدكم. ويطيل لنا في مددكم. والسلام ومنه هذه الخطبة التي أنشأها لعقد جدي السيد الأمير محمد معصوم ببنت عمه السيد الأمير نصير الدين حسين رحمهم الله تعالى. الحمد لله الذي بعث محمدًا المعصوم بالدين القيم والشريعة القائمه. وجعل ملته لسائر الملل عن ارضاع ثدي البقآء فاظمه. أحمده على أن أقام بأحمد نظام الدين فزاد تعظيمًا وتشريفًا. وأوحى إليه في الكتاب المبين أن أتبع ملة إبراهيم حنيفا. وأشكره على أن أذهب عن أهل بيته الرجس وطهرهم تطهيرا. وتولى نصره على الأعدآء وكفى بالله وليًا وكفى بالله نصيرا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تطيب بها النفس وتقربها العين. وأشهد أن سيدنا ومولانا محمدًا عبده ورسوله المجعول ذريته من نسل الحسن والحسين. صلى الله عليه وعلى آله الذين من تمسك بولائهم فقد ازدلف إلى الله قربا. وعمل بمضمون قوله تعالى قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى. وعلى أصحابه الذين دلت سورة الفتح على مناقبهم. وقلت الأنجم عن بلوغ شأو مراتبهم. صلاة وسلامًا يتقارنان تقارن الايجاب والقبول. ويتواردان عليه مع نسائم الصبا والقبول. أما بعد فإن العنصر النبوي لا يزال ظاهر النمر طاهر الانتماء. كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. ناهيك بنتيجة مقدمتاها الوصي والبتول. فلا غرو إن زكت الفروع لزكا هاتيك الأصول. فمن ثم وجب أن تصرف الهمم العلية إلى تكثير فروعها وثمارها.
وتوجه الشيم الأبية إلى تقريرها واستقرارها. وذلك بالنكاح الذي به تحفظ الأنساب. ويكون لبقائه ثم من أتم العلل وأقوى الأسباب. كيف وقد نطق الكتاب العزيز بمشروعيته. ودلت الأحاديث النبوية على سنيته. قال الله تعالى علوًا وقدرًا. وهو الذي خلق من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصهرا. وقال تعالى مهنيًا لعباده بهذه النعمة. ومن آياته ان خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة. وقال تعالى وهو أعز قائل. يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل. وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم مبينًا يمنه لهذه الأمة. التزويج بركة والولد رحمة. وقال صلي الله عليه وعلي آله وسلم معرضًا بمن لم يكن بشأنه معني. النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني. وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم منفرًا عن العزوبية والايامة. تناحكوا تناسلوا تكثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة. وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم مبينًا الاقتداء به والائتساء. حبب إلى من دنياكم الطيب والنساء وقال صلي الله عليه وعلى آله وسلم يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج وفضل صلي الله عليه وعلى آله وسلم الأبكار على غيرهن بكثير.
1 / 42