فأسأل الله أن يطوى شقة البين ويكحل بأثمد الاجتماع منا العين لتقر برؤية هذا الامام الجهبذ والهمام الذي تتشنف المسامع بفوائده وتلتذ المفوه الذي إذا قال لم يترك مقالًا لقائل. والمدرة الذي إذا طال لم يأت غيره بطائل. ذي التآليف الذي طبق الآفاق صيتها. والتصانيف التي وقع الاتفاق على إنها للواهيت التحقيق نواسيتها. والفتاوي التي هي على أساليب أول الاجتهاد في النص والاستدلال. والتقارير التي يوضح بها ما في مغلق العبارات من التعقيد والأشكال. شيخ الاسلام. بل شيخ مشايخه الجله. مقتدي الأنام. في كل مصر ومدينة وقرية وحلة. الامام المتصدر في مقام إبراهيم. الخطيب الذي تكاد القلوب من مواعظه تتصدع والعقول بها تهيم. مالك زمام البلاغة والفصاحة الناظم الناثر الذي لا يدرك البليغ شأوه ولا يجتري البديع أن يحل له بساحة. المدره المصقع الملسن السري. مولانا الامام محيي الدين عبد القادر ابن محمد الطبري. جمل الله بأخمصيه هامات المنابر. وكمل به صدور المحاريب الشريفة المآثر. وأعاده إلى معاد. وأعاذه من غائلة كل معاد. ويهدي إليه سلامًا يهزأ عرفه بالعنبر الأشهب. ويسخر وصفه بالعبهر إذا هب. مكتسبًا الطيب من مشائله منتسبًا في اللطف إلى خلاله الشريفة وخصائله. وينهي إليه شوقًا يكاد أن يأخذ القلب يشغافه. ويبدل العقل بشعافه. فلولا إن الرحمن لطف بعبده. وداركه من بعد بعد صديقه وصده. بوصول كتابه الذي نسخ مذ نسخ كتب الفصاحة والبلاغة. وفسخ عقود عقودها لما تحلى من شذرها بالوجد في الصناعة والصياغة. فياله من كتات تفصلت آيات فرقانه. وخطاب لواو حي إلى المتنبي لتحدى به وألغى سفاسف قرانه. ورد من بحر يلفظ الجواهر إلى ساحله. وحبر يحفظ الجواهر لالزام مساجله. فدهشت عند وروده وقلت ما هذا قول البشر. ونفث في روعي أن هذا إلا سحر يؤثر. فلولا إساءة الظن بي ما نبست في جوابه ببنت شفه. ولقضيت بالحجر على نفسي وقلت إن معارضة مثله سخف وسفه. لكن بحكم ما لا يدرك لا يترك بعثت هذه البطاقة التي تلطفت، وعلى فضلك تطفلت. وتكلفت لما سيمت إجابة رسالتك وبها تكفلت. وإني لها بمعارضتها. وكيف لها بمساجلتها ومقارضتها. وقد أنشئت تلك بين رياض وغياض. وانتشت من أنهار متدفقة في حياض. وانتشقت نوافح أزهار تفوح من رياض تلك الخمايل. وانتسقت في مسامعها صوادح تهيج بلابلها البلابل. ويحيي النفوس نفس نسيمها الرطب السجسج. ويملأ الكؤوس اسفنط تسنيمها الذي يحاك زردها الفضي بيد الريح فلا يحاكي إذ ينسج إلى غير ذلك من تنعم بفاكهة جنية شهيه. ومفاكهة عذبة غذيه. ومجيبها يتقلى ما بين طحر وسموم. وماء بحر كأنه اليحموم. في قطر فقد منه نصف العناصر. وصقع هب فيه من العناصر. قد أبدل عن نغمات الصوادح ببغام الصوادي. وعن نسمات البوارح بسمائم الوادي. وأشد من ذلك كله وأشق. ما هو بالتشكي منه أجدر وأحق. وهو فقد أنيس بمجاورته يتسلى. وعدم جليس بمحاورته تذهب الهموم وتتجلى. قد أصبح غريبًا وإن كان في الوطن مقيم. وكئيبًا حيث لم يلق صديقًا وحميم. فها هو يشغل طرفي نهاره بالافتاء والتدريس. ويأوي ما بينهما إلى غير أنيس. ينتابه جماعة هم من اللطف مفاليس. ويرتاده أناس لا يلاحظون سوى وضع اليد في الكيس. إلى غير ذلك من سماع أخبار مقسيه. وحوادث مذهلة العقول ومنسيه. فتارة يسمع خبر سفينة أغرقها اليم. وآونة يرى أن أخرى أدخلت المخا قهرًا وانفض أمرها وتم. وأفظع من ذلك أمر الماء الذي أحرق الأكباد وأعطش. وأوقع أمره في الحيرة وأدهش. بلغ ثمن الوعل منه خمسة وستة وسبعة وثمانيه. وبهذه الغاية بيع في بعض الأحيان وبخمسة قربة الجاريه. فلا تسل عما الناس فيه من الشدة والكربه. وقد لحقهم من ذلك عرق القربه. وقد وزعت منافذ الماء ما بين أهل الشوك والجاهات. وقررت الوعول لذوي العنايات والوجاهات. واغتنى من في بيته حاصل من تحصيل الثمن الزائد. وسر بذلك فإن مصائب قوم عند قوم فوائد. فلو ترى الحرائر المخدرات. وقد أبرزهن الحال في جنح الليل الحالك. والعذارى المحررات يتهادين بالدوارق هنالك. لرأيت ما يهول. ويرمي العقول بالذهول. فكم من حرة هتكت. وعذراء ثقبت درتها وسلكت. وعزيز قوم في تلك المواقف ذل. وجليل قدر لا يلتفت إليه وإن عظم قدرًا وجل. فهذه نازلة أشد من احتباس قطر الغمام. فيتعين على الشافعية القنوت لها ولو
1 / 24