وترددت قليلا ثم قالت: لا يهددنا إلا شيء واحد هو «العقلية البورجوازية»!
فقال بقوة جعلته في تلك اللحظة أشبه ما يكون بأخيه عبد المنعم: لست منها في شيء! - هل تدرك مدى خطورة قولك؟ .. لقد عنيت أشياء تخص علاقة الرجل بالمرأة في صميمها الشخصي والاجتماعي! - مفهوم جدا .. - سوف تطالب بقاموس جديد عند الكشف عن الكلمات المأثورة مثل: حب، زواج، غيرة، الوفاء، الماضي ..! - نعم!
قد يعني هذا لا شيء، وقد يعني كل شيء، وكم من مرة خطرت له أفكار، ولكن الموقف يتطلب شجاعة فائقة، ما هو إلا امتحان لعقليته الموروثة والمكتسبة جميعا، امتحان رهيب، خيل إليه أنه أدرك ما تعني، ولعل الأمر لا يعدو أنها تمتحنه، ولكن حتى لو كان الذي أدركه فلن يتراجع، لقد اعتراه ألم ودبت في أعماقه الغيرة ولكنه لن يتراجع. - إني مسلم بما تعنين، ولكن دعيني أصارحك بأنني كنت آمل أن أحظى بفتاة عاطفية لا بفكر محاسب مدقق!
فتساءلت وعيناها تتابعان البط السابح: لتقول لك أحبك وأوافق على الزواج منك؟! - نعم!
ضاحكة .. - وهل تراني كنت أدخل في التفاصيل ما لم أكن موافقة على المبدأ!
فضغط على راحتها في رقة، فعادت تقول: وأنت تعرف كل شيء، ولكنك تود سماعه! - ولا أمل سماعه!
44 - إنها سمعة أسرتنا جميعا، وهو على أي حال ابنكم، وأنتم بعد ذلك أحرار فيما ترون!
كانت خديجة تخطب وعيناها تنتقلان بسرعة وقلق من وجه إلى وجه، من زوجها إبراهيم الذي جلس إلى يمينها إلى ابنها أحمد في الناحية المقابلة من الصالة، مارتين بياسين وكمال وعبد المنعم ..
وقال أحمد مداعبا وهو يقلد لهجتها: انتبهوا جميعا، إنها سمعة أسرة، وأنا على أي حال ابنكم! فقالت له بصوت متشك مليء بالمرارة: ما هذا البلاء يا بني «أنت لا ترضى أن يحكمك أحد ولو كان أباك، وتأبى المشورة ولو كانت في صالحك، دائما أنت على صواب والناس جميعا على خطأ، تركت الصلاة قلنا ربنا يهديه، رفضت أن تدخل الحقوق كأخيك قلنا المستقبل بيد الله. قلت أشتغل جورنالجي قلنا اشتغل عربجي! ..»
فقال باسما: والآن أريد أن أتزوج! .. - تزوج، كلنا يسر لهذا، ولكن الزواج له شروط! - ومن يضع شروطه؟ - العقل السليم! - عقلي اختار لي .. - ألم تثبت لك الأيام بعد أنه لا يصح الاعتماد على عقلك وحده؟! - أبدا، والمشورة جائزة في كل شيء إلا الزواج فهو كالطعام سواء بسواء! .. - الطعام! أنت لا تتزوج من فتاة فحسب ولكن من أسرتها كلها - ونحن - أهلك - نتزوج بالتبعية معك.
Page inconnue