ولم نكن لنقوم بهذا التقسيم لولا وجود الأسباب السابقة إضافة إلى أن كثيرا من الناس قد خلط في هذا الموضوع كثيرا من الأمور المتباينة؛ فعندئذ رأينا أنه لا بد من إعادة الأمر إلى نصابه وإبراز المفاهيم الشرعية المدعمة بالواقع التاريخي حتى لا نلبس على الناس ونخلط السابقين من المهاجرين والأنصار بالطلقاء والأعراب الذين كان لهم الأثر السيئ على الإسلام وأهله؛ فكرا وعلما وسياسة وعدالة أخلاقا.....الخ ؛ ولنسهم بإبراز هذه الطبقات في قراءة جدية لتاريخ الجيل الأول والتفصيل فيه وتقييمه من نصوص القرآن الكريم ونصوص السنة النبوية والواقع التاريخي؛ مع البعد عن التعميم والخلط الذي حصل لكثير من الناس عند تناول سيرة القرن الأول.

فالصحابة أصحاب الصحبة الشرعية هم المهاجرون والأنصار ومن في حكمهم كنساء المهاجرين والأنصار اللاتي شاركنهم في قدم الإسلام مع الهجرة أو النصرة وموالي المهاجرين والأنصار وحلفائهم المؤمنين والمستضعفين من المكيين أو الشهداء بمكة مثل ياسر العنسي وزوجته سمية (وهما والدا عمار بن ياسر) ومهاجرة الحبشة، ومن ثبت دخوله في هؤلاء بنص أو استثناء، ونحو ذلك لأنهم وحدهم المستحقون للفظ (الصحبة) بمعناها الشرعي وهؤلاء (المهاجرون والأنصار) ومن في حكمهم طبقات كثيرة متفاوتة؛ فالمهاجرون مثلا طبقات من حيث قدم الإسلام فهنالك أوائل المسلمين وهناك مسلمو دار الأرقم ومنهم مهاجرة الحبشة ثم مسلمو فترة المقاطعة ثم مسلمو فترة العرض على القبائل.. الخ، ثم يشتركون مع الأنصار في طبقات المشاهد كبدر وأحد والخندق والحديبية فيقال فلان بدري وأحدي وخندقي ورضواني... وهم الصحابة الصحبة الشرعية الممدوحة في الكتاب والسنة.

وقد شارك بعض الأنصار إخوانهم المهاجرين في أواخر طبقات العهد المكي كما سيأتي.

Page 185