Le Soudan Égyptien et les Ambitions de la Politique Britannique
السودان المصري ومطامع السياسة البريطانية
Genres
تمت الموافقة على هذا العمل، وقد شرع فيه فعلا، وسيشمل سدا من البناء المقابل على النيل الأبيض على مسافة 45 كيلو مترا جنوبي مدينة الخرطوم عند جبل الأولياء، وسيكون خزانا كبيرا يبلغ طوله نحو خمسمائة كيلو متر في مديرية النيل الأبيض، وسعته الفعلية حينما يستعمل حوضا للخزن أي كمية الماء التي تخرج منه فلا يعد احتساب النقص من التبخر ... إلخ، مقدرة بأربعة آلاف مليون من الأمتار المكعبة، ولكن لو فرض أن فيضانا خارقا للعادة في الانخفاض كفيضان سنة 1913 عاد قبل تمام التدابير للحصول على خزين من سنة لأخرى في بحيرة ألبرت فقد يكون من الجائز سحب مقدار من مياه النهر كاف لتمام استخدام خزان جبل الأوليا.
فترتيب الأعمال المقترحة مقصود به القيام بما تقتضيه هذه الظروف المفروضة حتى في مثل العام الاستثنائي المذكور يمكن أن تحفظ في هذا الخزان كمية من الماء كفيلة لإيراد مصر فدانا فدانا بإيراد لا يكون على كل تقدير أدنى مما حصلت عليه فعلا في سنة 1913-1914.
وسيأتي هذا الخزان أيضا بفائدة محققة جدا في ضبط الفيضانات العالية؛ إذ سعته أكثر مما يلزم لإضافة 4000 مليون متر مكعب إلى مياه النهر؛ لأنه في الواقع يستطيع حجز 10 آلاف مليون متر مكعب.
وسيتم ضبط المياه بإقفال بوابات الخزان بمجرد وصول مياه النيل الرئيسي عند الخرطوم إلى منسوب يكون تجاوزه مضرا بصالح القطر المصري، وبإبقائه مقفلا حتى تهبط المياه فتعود إلى منسوب يطمأن إليه، وتكون نتيجة هذا أن يوقف الوارد من النيل الأبيض بالمرة، وأن تنقص دورة الفيضان إلى هذا الحد. على أن دورة الفيضان في ذاتها معظمها إن لم نقل كلها مكون من مياه النيل الأزرق المتشبعة بالطمي التي إن لم يمكن ضبطها ضبطا كاملا سيكون في الإمكان نقصها كثيرا؛ بل سيحصل ذلك فعلا بتأثير خزان أعالي النيل الأزرق وترع الجزيرة، ولكن شدة ارتفاع الفيضان ليست وحدها مصدر الخطر على مصر؛ بل هو على الأرجح ناشئ عن طول استمرار المناسيب العالية التي تدعو إلى انزلاق جسور النيل وانقطاعها من الضغط المستمر، وسبب استطالة مدة الفيضان في مصر هو أن كمية المياه التي في النيل الرئيسي عند الخرطوم لا تهبط بسرعة هبوط النيل الأزرق، ولا يعيقها عن هذا الهبوط إلا ما ينصرف إليها من المياه المحبوسة في ذلك الخزان الطبيعي الواسع وهو وادي النيل الأبيض، فخزان النيل الأبيض يؤخر هذا التصرف وكذا يؤخر الجريان الطبيعي لمياه النيل الأبيض ذاته حتى يزول كل الخطر فيعين على حد كبير على إزالة ما يقع على الجسور من الضغط المستمر الذي هو الآن الداعي الأكبر إلى القلق، وبذا تكون نتيجة الأعمال المزمع إنشاؤها على النيلين الأبيض والأزرق جميعا هي إنقاذ مصر إلى درجة كبيرة من خطر الغرق، ولدى استعمال الخزان بمثابة جهاز صرف للفيضان فيكون النقص الناجم عن التبخر مفيدا بلا ريب، في حين أنه متى استعمل حوضا للتخزين فلا موجب لحصول نقص في الكمية الميسرة ما دام الماء مارا في الخزان والتسرب إلى البحر مستمرا.
وبعد نجاز خزان أعالي النيل الأزرق ولا سيما عند إمكان خزن المياه الكافية في بحيرة ألبرت يبطل استعمال خزان جبل الأوليا لخزن مياه الفيضان؛ بل يكون استعماله أيضا بمثابة حوض موازنة لتعديل التصرف في النيل الرئيسي.
وهذه الوظيفة جوهرية؛ لأن الماء يستغرق نحو ستة أسابيع في سيره من بحيرة ألبرت إلى الخرطوم، ومن المستحيل التنبؤ بحالة النيل الأزرق عند هذه النقطة الأخيرة إلا قبل الميعاد بأيام قلائل في حين أن الماء الذي يصلها من النيل الأبيض في أي تاريخ لا بد من خروجه من بحيرة ألبرت قبل هذا التاريخ بستة أسابيع، فإذا أريد التأكد من الحصول على مقدار الماء اللازم مروره من النيل الرئيسي خلف الخرطوم وجب اتخاذ وسيلة من وسائل الموازنة على أحد النهرين (النيل الأبيض والنيل الأزرق) على مقربة من ملتقاهما، وفضلا عن هذا فإن جريان نهر سوباط الذي يلتقي بالنيل الأبيض عند ملكاي يمكن ضبطه بواسطة خزان جبل الأوليا الذي بدونه تختل بل تضيع في الغالب مياه هذا النهر ومياه سائر الفروع التي تكون جزءا مهما من فيضان النيل الأبيض.
ولما كانت وسيلة الموازنة هذه تستعمل في أيام الفيضان فلا يمكن بناؤها على النيل الأزرق؛ لأن مياهه تكون مستقلة بالطمي في ذلك الأوان، وإذن يجب أن يكون إنشاؤها على النيل الأبيض.
وفي الواقع يوجد على هذا النهر عند جبل الأولياء موقع صخري صالح لأن يكون أساسا يبنى عليه يقوم بهذه الوظيفة الجوهرية وظيفة موازنة الإيراد المنحدر في النهر حسب حاجات زراعة القطر المصري.
والخلاصة: إن لخزان النيل الأبيض أربع وظائف يؤديها، وهي أن يكون بمثابة: (أ)
خزان لإيراد المياه يطلق منه أربعة آلاف مليون متر مكعب لاستخدامها في القطر المصري. (ب)
Page inconnue