هـ- مهمة الناقد:
إن مهمة الناقد هي الحكم على الحديث من حيث الصحة أو الضعف، وذلك بعد جمع طرقه المتعددة، ومقارنتها والكشف عن أحوال رجالها.
ونشأة النقد وتاريخه:
بدأ النقد بادئ ذي بدء في عهده ﷺ، ومن ذلك قوله: "ما أظن فلانا وفلانًا يعرفان من ديننا الذي نحن عليه" ١. وقوله ﷺ فِي أحدهم٢: "بئس أخو العشيرة" ٣. وقد كان النقد آنذاك على نطاق ضيق إذ لم تكن إليه حاجة، وما قيل من نقد إنما كان من باب الحيطة والتثبت. فضلًا عن وجود المشرع بين ظهرني الصحابة وتنزه هؤلاء عن الكذب وداوعيه.
وبعد وفاته ﷺ ازداد اهتمام الصحابة بالحديث والتأكد من ثبوت نسبته إلى النَّبِيِّ ﷺ، وكان أبو بكر الصديق ﵁ أول من احتاط في قبول الروايات حتى قال فيه الحافظ الذهبي: "إليه المنتهى في التحري والقبول"٤. وقصة تثبته في ميراث الجدة مشهورة٥. ثم جاء دور عمر بن الخطاب ﵁.
قال ابن حبان: "إن عمر وعليًا كانا أول من فتشا عن الرجال وبحثا عن النقل في الأخبار"٦. ويمكن تفسير هذا بأن عمر وعليًا قد توسعا في التثبت والبحث عن أحوال الرجال توسعًا لم يكن معهودًا من قبل.
وهكذا قام الصحابة من بعد بدور بالغ الأهمية في هذا المجال، وممن عرف بذلك عائشة ﵂ وأنس بن مالك وآخرون.