94

Studies in Sufism

دراسات في التصوف

Maison d'édition

دار الإمام المجدد للنشر والتوزيع

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Genres

" علامة الإفلاس الاستئناس بالناس " (١) وهذا كلّه رغم حديث رسول الله ﷺ ذكره السهروردي أيضًا في عوارفه عن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: " المؤمن بألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف " (٢). وهل تأتي الألفة بالتنافر والوحدة والعزلة والفرار من الناس أم بالمعاشرة والمخالطة والالتقاء والمصاحبة؟. هذا وذكر الأموي عن الجنيد أنه قال: " من أراد أن يسلم له دينه ويستريح بدنه وقلبه فليعتزل الناس، فإن هذا زمان وحشة " (٣). ولم يأمر الصوفية معتقديهم بالتنافر والفرار عن عامة الناس فحسب، بل عن الأقرباء وذوي الرحم أيضًا كما أنشد عجيبة الحسني: أستغن عن كل ذي قرب وذي رحم ... الغنيّ من استغنى عن الناس وأين يذهب بعد الاعتزال عن الناس والاستغناء عنهم، يبين ذلك صاحب " الأنوار القدسية " حيث يقول: " من شأن المريد الصادق محبة العزلة عن الناس، واستغناؤه الجلوس في البراري والمواضع الخربة حتى يتقوى ويصبر ولا يتدّنس بالأعيار " (٤). ويقول: " المريد الصادق يحب الخلوة البعيدة عن مرور الناس كخلاوي السطوح ويجب أن تكون ضيقة حتى لا يصلح له مدّ رجله فيها، ويجب أن تكون مظلمة لا يدخلها نور الشمس " (٥). ولماذا يعتزل؟ يصرح بذلك الدمياطي حيث يقول:

(١) جامع الأصول للكمشخانوي ص ١٧٤. (٢) أنظر عوراف المعارف للسهروردي ص ١١٢. (٣) حياة القلوب لعماد الدين الأموي بهامش قوت القلوب للمكي ج ٢ ص ٩٣ ط ... دار صادر بيروت. (٤) الأنوار القدسية للشعراني ج ١ ص ١٤٠. (٥) أيضًا ج ١ ص ١٤١.

1 / 101