أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة
أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة
Genres
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأنزل عليه الكتاب تبيانًا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين - أما بعد:
فإنه مما لا شك فيه أن القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع الإسلامي، وهو الفيصل بين الحق والباطل، وهو الصراط المستقيم لجنات النعيم، كتاب أحكمه الله فأتقن إحكامه، وفصله فأحسن تفصيله، كما قال جل ذكره: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود:١] ولا يتطرق إلى ساحته نقض ولا إبطال، كما قال جل ذكره: ﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)﴾ [فصلت ٤٢:٤١].
وهو المعجزة العظمى، والحجة البالغة الباقية على وجه الدهر لرسول البشرية ﷺ، وهو الكتاب الذي استمد منه المسلمون علومهم ومعارفهم، وهو المنهج الخالد الذي تكفل بجميع ما يحتاج إليه البشر في أمور دينهم ودنياهم.
ولما كان القرآن الكريم بهذه المكانة العظيمة عنيت به الأمة الإسلامية عناية فائقة، من لدن رسول الله ﷺ إلى يومنا هذا فحفظوا لفظه، وفهموا معناه، واستقاموا على العمل به، وأفنوا أعمارهم في البحث فيه، والكشف عن أسراره ومعانيه، ولم يدعوا ناحية من نواحيه الخصبة إلا وقتلوها بحثًا وتمحيصًا، وألفوا في ذلك المؤلفات القيمة، حتى زخرت المكتبة الإسلامية بميراث مجيد من تراث سلفنا الصالح وعلمائنا الأعلام.
1 / 1
ومن هؤلاء العلماء الأعلام الذين كان لهم دور كبير وهام في خدمة القرآن وعلومه: الإمام أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي (٢٣٩ - ٣٢١ هـ). فلقد كان ﵀ متوسعًا في تحصيل العلوم النقلية والعقلية، حتى بلغ فيها مبلغًا لا يدرك شأوه، وأصبح بحرًا لا يدرك قعره. عكف على قراءة القرآن ومعرفة علومه ومعانية، حتى بلغ فيه الغاية من حيث الرواية والدراية.
ولهذا فقد رأيت أن يكون موضوع بحثي لرسالة الماجستير هو:
- أقوال الإمام أبي جعفر الطحاوي في التفسير (جمعًا ودراسة).
1 / 2
وتبرز أهمية هذا الموضوع وسبب اختياره في الأمور التالية:
١ - أن علم التفسير من أجل علوم الشريعة وأرفعها قدرًا، وهو أشرف العلوم موضوعًا وغرضًا وحاجة إليه، لأن موضوعه كلام الله جل وعلا، الذي هو ينبوع كل حكمة، ومصدر كل فضيلة. ولأن الغرض منه: هو الاعتصام بدين الله الموصول إلى سعادة الدارين، ولأن كل كمال ديني أو دنيوي لابد وأن يكون موافقًا للشرع، وموافقته متوقفة على العلم بكتاب الله ﵎.
٢ - أن مسائل هذا العلم لا تزال بحاجة إلى جمع وتحرير، وتحقيق وتدقيق من المختصين في هذا العلم، وذلك عن طريق الرسائل الجامعية.
٣ - إبراز جهود العلماء في هذا العلم، فالإمام الطحاوي مشهود بإمامته في الفقه والحديث، مجهول عنايته بتفسير كلم الله وبيانه، وفي هذا البحث إبراز لهذا العلم عند هذا الإمام.
فلقد كان للإمام أبي جعفر الطحاوي، عناية كبيرة بكتاب الله تعالى، فكتب في تفسيره وعلومه، ولكن في مواطن متفرقة من مؤلفاته.
1 / 3
كما أن الإمام الطحاوي من أفضل علماء عصره في العقيدة والفقه والحديث وعلم اللغة والتفسير، شاع فضله في كل ذلك وذاع، وبعد صيته بين الناس، وملأ البقاع والأسماع، فأمه الطلاب من كل بلد وناحية، يتلقون العلم عنه، ويغترفون من علومه ومعارفه. وكان صحيح النظر بليغ القول، جيد التعبير عن كل ما يقصد إلى بيانه، كما هو ظاهر في مؤلفاته، ولقد أثنى العلماء على هذا الإمام الجليل اعترافًا بفضله وعلمه - قال عنه الإمام الذهبي:
الإمام العلامة الحافظ الكبير، محدث الديار المصرية وفقيهها .. ومن نظر في تواليف هذا الإمام علم محله من العلم، وسعة معارفه. (سير أعلام النبلاء - ١٥/ ٢٧)
وقال الصفدي: كان ثقة، نبيلًا، ثبتًا، فقيهًا عاقلًا، لم يخلف بعده مثله. (الوافي بالوفيات-٨/ ٩)
وقال ابن كثير: الفقيه الحنفي، صاحب التصانيف المفيدة والفوائد الغزيرة، وهو أحد الثقاة الأثبات، والحفاظ الجهابذة. (البداية- ١١/ ١٨٦)
ويعد الإمام الطحاوي من أقدر الناس على التأليف، وأمهرهم في التصنيف بما وهبه الله من وفرة المحفوظ، وتنوع المعارف، وسرعة الاستحضار، وكمال الاستعداد، وقد صنف كتبًا متنوعة في العقيدة والتفسير والحديث والفقه والتاريخ وهي في غاية الجودة والأصالة وكثرة الفوائد.
وقد أحصى المؤرخون من تصانيفه ما يربو على ثلاثين كتابًا منها:
شرح معاني الآثار - شرح مشكل الآثار - مختصر الطحاوي في الفقه الحنفي - العقيدة الطحاوية - الشروط الصغير - سنن الشافعي - التاريخ الكبير - أحكام القرآن الكريم - اختلاف العلماء - السنن المأثورة. . . إلى غير ذلك من مؤلفاته القيمة النافعة.
٤ - المنهج العلمي الذي تميزت به مؤلفات الإمام الطحاوي، في دراسة المسائل وعرضها، وذكر الأقوال وأدلتها، وبسط القول في مناقشتها، وترجيح ما يراه مستندًا في كل ذلك إلى الدليل النقلي والعقلي.
1 / 4
خطة البحث
تتكون خطة البحث من:- مقدمة - وتمهيد - وفصلين - وخاتمة - وفهارس.
فالمقدمة:- أتناول فيها أهمية الموضوع، وأسباب اختياره، وخطة البحث ومنهجي فيه.
والتمهيد: أعرف فيه بالإمام الطحاوي بإيجاز في خمسة مباحث:
المبحث الأول: اسمه ونسبه، ومولده ونشأته.
المبحث الثاني: عقيدته، ومذهبه الفقهي.
المبحث الثالث: طلبه للعلم، وشيوخه وتلاميذه.
المبحث الرابع: مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه.
المبحث الخامس: مصنفاته، ووفاته.
والفصل الأول: أبين فيه منهج الإمام الطحاوي في التفسير، وفيه عشرة مباحث:
المبحث الأول: منهجه في تفسير القرآن بالقرآن.
المبحث الثاني: منهجه في تفسير القرآن بالسنة.
المبحث الثالث: منهجه في تفسير القرآن بأقوال الصحابة والتابعين.
المبحث الرابع: منهجه في تفسير القرآن بأقوال أئمة اللغة
المبحث الخامس: منهجه في إيراد أقوال أهل التفسير ومناقشته لها.
المبحث السادس: منهجه في إيراد القراءات والتعليق عليها.
المبحث السابع: منهجه في تفسير آيات العقائد.
المبحث الثامن: منهجه في تفسير آيات الأحكام الفقهية.
المبحث التاسع: منهجه في إيراد أسباب النزول.
المبحث العاشر: منهجه في بيان الناسخ والمنسوخ.
والفصل الثاني: أبين فيه أقوال الإمام الطحاوي في التفسير.
- وستكون خطوات العمل فيه على النحو التالي:-
١ - جمع أقوال الإمام الطحاوي في التفسير من الكتب التالية:-
شرح مشكل الآثار - شرح معاني الآثار - مختصر اختلاف العلماء.
٢ - ترتيب المادة العلمية على حسب ترتيب المصحف.
٣ - أذكر أولًا ما ذكره الإمام الطحاوي، ثم يأتي بعد ذلك الجانب الدراسي لما ذكره.
٤ - مقارنة أقوال الإمام الطحاوي بأقوال غيره من أئمة التفسير - مع بيان الراجح منها.
1 / 5
٥ - إذا تعلق كلام الإمام الطحاوي بأكثر من آية ولا فائدة من تكراره مع كل آية فإني أذكره في الموضع الأقرب والألصق بالآية، وفي حالة التساوي فإني أذكره في الوضع الأول حسب ترتيب المصحف، وأحيل عند موضع الآية المتأخرة على الآية المتقدمة.
٦ - توثيق القراءات، وبيان المتواتر منها والشاذ.
٧ - تخريج الأحاديث الواردة عن الرسول ﷺ.
٨ - توثيق المسائل الفقهية، مع مناقشتها، وبيان القول الراجح فيها.
٩ - الجمع في أقواله بين ما يتوهم منه التعارض، وإيضاح ما أبهم منه.
١٠ - التعريف بالأعلام غير المشهورين، والأماكن والبلدان في أول موضع ترد فيه.
الخاتمة:- وفيها بيان لأهم النتائج التي توصلت إليها من خلال البحث.
الفهارس:
١ - فهرس الآيات.
٢ - فهرس الأحاديث.
٣ - فهرس الأعلام.
٤ - فهرس الأبيات الشعرية.
٥ - فهرس المصادر والمراجع.
٦ - فهرس الموضوعات.
وفي ختام هذه المقدمة أتقدم بالشكر الجزيل لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثلة في كلية أصول الدين (قسم القرآن وعلومه) لموافقتها على هذه الرسالة، ولما تقوم به من جهد مبارك في سبيل خدمة العلم وأهله.
كما أتقدم بوافر الشكر والتقدير للمشرف على الرسالة فضيلة الدكتور: حسن محمد عبد العزيز علي - الأستاذ المساعد في كلية أصول الدين (قسم القرآن وعلومه) - لما كان منه من متابعة وحسن توجيه.
كما لا يفوتني أن أتقدم بالشكر لكل من قدم لي من المساعدة ما أعانني على إتمام هذه الرسالة فجزى الله الجميع خير الجزاء في الدنيا ويوم اللقاء.
كما أساله جل وعلا بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن ينفع بهذا الجهد المتواضع، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وآخر دعونا أن الحمد الله رب العالمين، وصلاة وسلام على المبعوث رحمة للعالمين.
1 / 6
التمهيد: التعريف بالإمام الطحاوي
المبحث الأول: اسمه ونسبه، ومولده ونشأته
أولًا: اسم ونسب الإمام أبي جعفر الطحاوي
- أما اسمه فهو: أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة بن سليم بن سليمان بن جواب الأزدي، الحجري المصري، الطحاوي، الجيزي، الحنفي، أبو جعفر (^١).
- أما نسبته: فقد ذكر العلماء - كما سبق- أن للإمام الطحاوي ست نسب وهي مرتبة حسب ما جرت عليه عادتهم من نسبة الرجل إلى:
١ - قبيلته، فيقال: (الأزدي).
٢ - ثم بطن القبيلة، فيقال: (الحجري).
٣ - ثم البلد، فيقال: (المصري).
٤ - ثم القرية أو المدينة التي ولد فيها، فيقال: (الطحاوي).
٥ - ثم القرى والمدن التي رحل إليها واستقر بها سنينًا مرتبة، فيقال: (الجيزي).
٦ - ثم المذهب الفقهي الذي يذهب إليه، فيقال: (الحنفي).
وسوف أكتب عنها واحدة بعد أخرى حتى يتبين وجه كل واحدة منها:
١ - (الأزدي): (بفتح الهمزة وسكون الزاي) نسبة إلى: أزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وأزد من أعظم القبائل العربية القحطانية، وأكثرها فروعًا، وتنقسم إلى أربعة أقسام، وقد تفرق أبناء أزد وعرفوا باسم الموقع الذي نزل فيه كل واحد منهم.
ويقال للأزد التي ينتسب إليها أبو جعفر (أزد الحجر) تمييزًا لها من أزد شنوءة وغيرها (^٢)
٢ - (الحجري): (بفتح الحاء وسكون الجيم) نسبة إلى بطن من بطون قبيلة الأزد المعروفة،
وهم: بنو حجر بن عمران بن عمرو بن عامر ماء السماء (^٣)
_________
(^١) انظر: سير أعلام النبلاء (١٥/ ٢٧) وتذكرة الحفاظ (٣/ ٨٠٨) والأنساب (٨/ ٢١٨) والطبقات السنية (٢/ ٤٩).
وطبقات المفسرين (١/ ٧٤). وتاج التراجم (٨) ومباني الأخبار (١/ ٣) ووفيات الأعيان (١/ ٧١) ومعجم البلدان (٤/ ٢٢).
(^٢) انظر الانساب (١/ ١٩٧، ٢٢٦) وجمهرة النسب (٦١٥). وجمهرة أنساب العرب (٣٣٠ - ٣٧٦).
(^٣) انظر: الإكمال (٣/ ٨٣ - ٩٠) واللباب (١/ ٣٤٣) والأنساب (٤/ ٦٥ - ٧٠).
1 / 7
٣ - (المصري): (بكسر الميم، وسكون الصاد المهملة) هكذا لغة واحدة، وهي نسبة إلى بلاد مصر المعروفة، وقد نسب الإمام الطحاوي ﵀ إليها لأنها بلده الذي ولد وعاش وتوفي فيه. (^١)
٤ - (الطحاوي): نسبة إلى قرية طحا، وهي قرية من قرى مصر وهناك أكثر من قرية تسمى بطحا، وفي مصر أيضا، قال ياقوت محددا موقع (طحا) هذه: إنها كورة بمصر شمالي الصعيد في غربي النيل وإليها ينسب أبو جعفر أحمد بن محمد (الطحاوي) (^٢).
وهذا ما رجحه الدكتور عبد المجيد محمود - بعد دراسة مستفيضة عن موقع البلدة- بأن قرية (طحا) التي ينتسب إليها الطحاوي، هي المعروفة الآن بـ (طحا الأعمدة) التي تتبع مركز (سملوط) من مديرية (المنيا). (^٣)
٥ - (الجيزي): (بكسر الجيم المعجمة) نسبة إلى الجيزة، وهي في اللغة بمعنى: الوادي أو أفضل مكان فيه، وهي بليدة في غربي فسطاط مصر قبالتها (^٤)، ولم أقف على من نسبه إلى هذه النسبة إلا الإمام العيني قال: وإنما نسب الطحاوي إلى الجيزة لسكناه فيها. (^٥)
٦ - (الحنفي): نسبة إلى المذهب الفقهي الذي يذهب إليه الإمام الطحاوي ﵀، وهو أول المذاهب الفقهية الأربعة نشوءا، وهو مذهب أبي حنيفة النعمان بن ثابت ﵀ (^٦).
_________
(^١) الجواهر المضية (١/ ١٠٢).
(^٢) عجالة المبتدي (٤٦).
(^٣) أبو جعفر الطحاوي وأثره في الحديث (٤٥ - ٥٢).
(^٤) معجم البلدان (٢/ ٢٠٠).
(^٥) انظر: مباني الأخبار (١/ ٦) وأبو جعفر الطحاوي وأثره في الحديث (٤٣).
(^٦) الإمام أبو جعفر الطحاوي ومنهجه في الفقه الإسلامي (٣٧).
1 / 8
أما كنيته: فقد أجمعت كتب التراجم على كنية الإمام الطحاوي فقالوا: أبو جعفر، ولكن لا نستطيع أن نقول بأن هذه الكنية تعنى أن له ولدًا اسمه جعفر، كما لا نستطيع نفي ذلك، فإن من عادة السلف أن يتكنوا بكني لا تدل على أسماء أبنائهم، بل منهم من يتكنى وهو غير متزوج أصلًا، ومثال ذلك شيخ الطحاوي: بكار بن قتيبة، وكنيته: أبو بكرة، مع أنه لم يتزوج ﵀.
والإمام الطحاوي لم يذكر من ترجم له أن له ولدًا سوى علي بن أبي جعفر وهو من تلاميذه الرواة عنه.
ولعل الطحاوي كنى نفسه بأبي جعفر متابعة لشيخه الحنفي أبي جعفر أحمد بن أبي عمران القاضي لإعجابه به وإجلاله له، ومثال هذا كثير، والله تعالى أعلم. (^١)
_________
(^١) أبو جعفر الطحاوي وأثره في الحديث (٦٠/ ٦١).
1 / 9
ثانيا: مولد ونشأة الإمام أبي جعفر الطحاوي
١ - مولده:
ولد الإمام أبو جعفر الطحاوي في قرية (طحا) باتفاق المؤرخين.
وكان مولده رحمه الله تعالى سنة (٢٣٩ هـ) على أصح الأقوال وأرجحها. نقل القرشي المتوفى سنة (٧٧٥ هـ) عن أبي سعيد بن يونس أنه قال: قال لي الطحاوي: (ولدت سنة تسع وثلاثين ومائتين) (^١)
وحدد ابن عساكر (^٢) مولده بعبارة أدق فقال: (ذكر بعض أهل العلم أن مولد أبي جعفر ليلة الأحد لعشر ليال خلون من شهر ربيع الأول سنة تسع وثلاثين ومائتين) (^٣) وعلى هذا جرى أغلب المؤرخين في تحديد سنة ولادته (^٤)
_________
(^١) الجواهر المضية (١/ ٢٧٣).
(^٢) ابن عساكر هو: أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي الشافعي. كان من كبار الحافظ المتقنين، وإمام المحدثين في وقته، من
مؤلفاته: (تاريخ دمشق الكبير، وكانت وفاته سنة (٥٧١ هـ). انظر: تذكرة الحفاظ (٤/ ١٣٢٨) وطبقات الشافعية الكبرى (٧/ ٢١٥).
(^٣) تهذيب تاريخ دمشق (٢/ ٥٧).
(^٤) انظر المنتظم (٦/ ٢٥٠) ومعجم البلدان (٤/ ٢٢) وسير أعلام النبلاء (١٥/ ٢٨).
1 / 10
٢ - نشأته:
- أولًا: عاش الإمام الطحاوي في القرن الثالث الهجري وبعض من الرابع (٢٣٩ - ٣٢١ هـ) في العصر العباسي الضعيف، الذي يعد المرحلة الأولى لضعف الدولة العباسية، ومن ذلك الحين بدأ يظهر نفوذ الأتراك، وقد كان الخليفة المعتصم (^١) هو أول من استكثر منهم واستبعد العرب، فبدأ عهد الاضطراب والفوضى من الناحية السياسية في عاصمة الخلافة: بغداد، حتى أذهب هيبتها وبدأ تفككها، ولم يبق من سلطة الخليفة إلا الاسم ولا من مظاهر الخلافة إلا البهرج والأبهة فحسب.
فاستغل هذا الضعف بعض أمراء الولايات العباسية فأعلن كل واحد استقلال ولايته عن دولة الخلافة، وكانت مصر آنذاك تخضع للدولة العباسية ولكن منذ سيطرة الأتراك بدأ تعيين الوالي من طريقهم، شريطة أن يؤدوا ضريبة أو خراجًا معينًا لدار الخلافة ببغداد، فكثرت الرشاوى وعم الفساد وظهرت الطبقية في ذلك المجتمع، فأصبح الناس ما بين فقر مدقع وغنى فاحش، والكثرة الكاثرة من الناس في أحط درجات البؤس والفقر.
ولما آلت ولاية مصر إلى بايكباك التركي سنة ٢٤٥ هـ بعث أحمد بن طولون (^٢)
_________
(^١) الخليفة المعتصم: هو محمد بن هارون الرشيد بن محمد المهدي بن المنصور العباسي، الخليفة أبو اسحاق، ولد سنة ١٨٠ هـ وبويع بعهد من
المأمون في سنة ٢١٨ هـ وهو ممن امتحن الناس بخلق القرآن، وكان خروج بابك الخرمي في عهده وقضى عليه بعد أن انفق القناطير
المقنطرة من الذهب والفضة، وهو الذي كتب إلى طاغية الروم لما أرسل الأخير يتهدده كتب إليه: الجواب ما ترى لا ما تسمع وسيعلم الكافر
لمن عقبى الدار، وقد توفى وله ٤٧ سنة في سنة (٢٢٧ هـ). (سير أعلام النبلاء (١٠/ ٢٩٠).
(^٢) أحمد بن طولون هو: الأمير أبو العباس التركي صاحب الديار المصرية والشامية والثغور، كان عادلًا جوادًا شجاعًا حسن السيرة، محبًا
لأهل العلم موصوفًا بالشدة على خصومه والفتك بمن عصاه، كان أبوه مولى لنوح بن أسد الساماني (عامل بخارى وخراسان) فأهداه نوح
إلى المأمون فكان من عداد الجنود التركية، وولد له أحمد سنة (٢٢٠ هـ) في سامرا، وتقدم عند الخليفة المتوكل إلى أن ولي إمرة الثغور
ودمشق ثم مصر حتى أسس دولة آل طولون في مصر سنة (٢٤٥ هـ) وله إصلاحات فيها مات سنة (٢٧٠ هـ)،
(وفيات الأعيان) (١/ ١٧٣).
1 / 11
إلى مصر لينوب عنه في حكمها، ويومًا بعد يوم استطاع ابن طولون توطيد قدمه في مصر والقضاء على مناوئيه حتى ضم إليها الشام وبرقة وجزءًا من العراق، حتى بلغ من قوته وبأسه أن استعان به الخليفة على أخيه، بل حتى خشي بأسه إمبراطور الروم.
وبقيام الدولة الطولونية في مصر عام أربعة وخمسين ومائتين، تبدلت الأحوال نحو الأفضل، وعادت للخلافة هيبتها في نفوس الناس، وقوي شأن الخلفاء وزادت سيطرتهم (^١) ونجم عن ذلك استقرار سياسي، فتحسنت الأحوال الاقتصادية والعلمية وأفسح المجال لكثير من العلماء من العراق وفارس والحجاز والمغرب أن يأتوا مصر لينشروا علمهم ويأخذوا ما ليس عندهم (^٢)، وهو الأمر الذي أفرز حركة علمية أفاد منها علماء مصر، ومنهم الإمام الطحاوي رحمه الله تعالى.
واستمرت هذه القوة وذلك البأس لهذه الدولة الطولونية إلى أن سقطت سنة ٣٢٣ هـ علي يد محمد بن سليمان الكاتب قائد الخلفية المكتفي، فعادت مصر إلى عهد التبعية المطلقة للعباسيين ببغداد دار الخلافة آنذاك .. وبذلك عادت الاضطرابات إلى تلك البلاد لضعف الخلفاء وعجزهم عن المحافظة على سلطانهم، حتى استبد الجند ببعض أولئك الخلفاء، وكان الوضع هكذا إلى أن قامت الدولة الإخشيدية (^٣) في سنة ٣٢٣ هـ.
ومما سبق يتضح أن الإمام الطحاوي قد عاصر تلك الدولة الطولونية من النشوء مرورًا بالازدهار إلى السقوط وذهاب الريح. (^٤)
- ثانيًا: نشأ الإمام الطحاوي في أسرة معروفة بالعلم والتقى والصلاح، كما كانت ذات نفوذ ومنعة وقوة في صعيد مصر.
_________
(^١) الكامل في التاريخ (٦/ ١٩٥).
(^٢) ظهر الإسلام (١/ ١٦١).
(^٣) الدولة الإخشيدية معناها: دولة الملوك. (انظر: النجوم الزاهرة (٣/ ٢٥١).
(^٤) انظر: الكامل في التاريخ (٥/ ٣٢٩) والبداية والنهاية (١٠/ ٣٦٤) والنجوم الزاهرة (٣/ ٢ - ١٤٣).
1 / 12
والده (محمد بن سلامة): من أهل العلم والأدب والفضل، وهو ما تحدث به الطحاوي عن أبيه من أنه كان أديبًا، له نظر وباع في الشعر والأدب، وقد كان يصحح بعض الأبيات، ويكمل
بعضها الآخر، حينما كان يعرض عليه أبنه (أحمد) ذلك. (^١)
وكانت وفاته سنة (٢٦٤ هـ) (^٢).
وأما والدته: فهي على الراجح: أخت المزني صاحب الإمام الشافعي رحمهم الله تعالى.
وقد كانت معروفة: بالعلم والفقه والصلاح.
ذكرها السيوطي (ت ٩١١ هـ) في ضمن من كان بمصر من الفقهاء الشافعية وقال: (أخت المزني): كانت تحضر مجلس الشافعي، ونقل عنها الرافعي (ت ٦٢٤ هـ) في الزكاة، وذكرها ابن السبكي (ت ٧٧١ هـ) والأسنوي (ت ٧٧٢ هـ) في الطبقات (^٣) فغالب الاحتمال أنها هي أم (أبي جعفر الطحاوي)، حيث لم يذكر المؤرخون في تعريفها سوى شهرتها أنها (أخت المزني) ولم يذكروا لها اسما، وإنما ذكروها بالتعريف: بأم الطحاوي أنها (أخت المزني) فقط.
أما أولاده: فغاية ما وصلنا أن له ولدًا يدعى أبا الحسن علي بن أحمد بن محمد الطحاوي، نسب له علم بالحديث والفقه، وذكر السمعاني أنه روى عن أبي عبد الرحمن بن شعيب النسائي وغيره (^٤) وذكر صاحب الجواهر المضية أنه تفقه على أبيه وروى عنه (^٥).
نشأ ﵀ في هذه الأسرة الفاضلة، وقرأ القرآن وتأدب على يد أبي يحيى بن محمد بن عمروس وكان عاقلًا عابدًا (^٦)، ثم أخذ الفقه على خاله المزني صاحب الشافعي كما نصت على هذا سائر كتب التراجم. (^٧).
من كل ما سبق، يتبين لنا أن الطحاوي قد عاش ونشأ في بيئة كلها علم وفضل وصلاح.
_________
(^١) شرح شكل الآثار (١/ ٣٧).
(^٢) الجواهر المضية (١/ ٢٧٣).
(^٣) انظر: حسن المحاضرة (١/ ١٦٧) وطبقات الشافعية للأسنوي (١/ ٣٢).
(^٤) الأنساب (٨/ ٢١٨).
(^٥) الجواهر المضية (١/ ٣٥٢).
(^٦) لسان الميزان (١/ ٢٨١).
(^٧) أبو جعفر الطحاوي وأثره في الحديث (٦٢).
1 / 13
وقد كان للنزعة الوراثية الصالحة، والبيئة الطيبة التي عاش في وسطها، آثارها في تكوين شخصيته العلمية والخلقية، وتوجيهه التوجيه السليم الذي سار عليه في نشأته وتعلمه وتعليمه. وفي مراحل حياته العلمية والعملية.
1 / 14
المبحث الثاني: عقيدته. ومذهبه الفقهي
أولًا: عقيدة الإمام أبي جعفر الطحاوي
كان الإمام أبو جعفر الطحاوي على العقيدة الصحيحة عقيدة سلف الأمة أهل السنة والجماعة، من غير مخالفة لهم في شيء منها.
وخير شاهد على سلامة عقيدته الرسالة التي ألفها في بيان العقيدة الصحيحة والتي كانت بعنوان: (العقيدة الطحاوية).
والتي ضمنها ما يحتاج المكلف إلى معرفته واعتقاده، والتصديق به من أصول الدين كمسائل التوحيد، والصفات، والقدر، والنبوة، والمعاد، وغير ذلك من قضايا الاعتقاد ومسائله، وما يمت إليها بسبب على طريقة أهل السنة والجماعة من السلف الصالح، وقد تلقاها العلماء سلفا وخلفا بالقبول والرضا، ونالت شهرة واسعة، وتصدى لشرحها غير واحد من أهل العلم، إلا أن الشرح المطابق لمنهج السلف الذي هو أمثل المناهج، وأصحها، وأقومها، وأهداها شرح العلامة الإمام علي بن أبي العز الحنفي، فهذا الشرح هو الأكثر قبولًا لدى عامة الناس (^١).
_________
(^١) شرح العقيدة الطحاوية (١/ ٩).
1 / 15
ثانيًا: المذهب الفقهي للإمام الطحاوي
كان الإمام أبو جعفر الطحاوي في أول أمره شافعي المذهب.
فقد فتح عينيه، وترعرع وشب في أسرة علمية، تتمذهب بمذهب الشافعي.
فقد تلقى مبادئ الفقه الشافعي على والده (محمد بن سلامة) ثم أكمل تعليمه الفقهي بين يدي خاله (المزني) صاحب الشافعي رحمهما الله تعالى، ومن قبل تلقاه على (والدته الفقيهة: أخت الزني).
ولكنه لم يبقى مدة طويلة في اتباعه للمذهب الشافعي فقد انتقل إلى مذهب أبي حنيفة في سن مبكرة من تاريخه العلمي، ولعل ذلك كان في نهاية العقد الثاني من عمره (^١).
_________
(^١) تاريخ بغداد (٥/ ١٤٢).
1 / 16
ولم يكن هذا الاختيار وذلك التحول عن مذهب الشافعي وليد الصدفة، بل كان عن دراسة واقتناع، بدليل عدم رواج هذا المذهب من قبل في مصر، وقد اجتمعت أسباب تؤكد هذا التحول إلى مذهب أبي حنيفة، وإن كان ثمة اختلاف في هذه الأسباب، لكن سأذكر أصح تلك الأسباب:
الأول: ما رواه ابن خلكان (^١) عن أبي يعلى (^٢). في كتاب الإرشاد: (أن محمد بن أحمد الشروطي قال: قلت للطحاوي لم خالفت خالك وأخذت مذهب أبي حنيفة فقال: لأني كنت أرى
خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة، فلذلك انتقلت إليه (^٣).
_________
(^١) ابن خلكان هو أبو العباس: أحمد بن محمد بن إبراهيم البرمكي الأربلي الشافعي (٦٠٨ - ٦٨١ هـ) كان فاضلا بارعًا متفننًا، علامة في الأدب
والشعر وأيام الناس، من مؤلفاته: وفيات الأعيان. (انظر طبقات الشافعية (٥/ ١٤)، ومعجم المؤلفين (١/ ٢٣٧)، والأعلام (١/ ٢٢٠).
(^٢) أبو يعلى هو: الخليل بن عبد الله بن أحمد بن الخليل الخليلي القزويني القاضي العلامة الحافظ، مصنف كتاب (الإرشاد في معرفة المحدثين)
- وكان ثقة عارفًا بالرجال والحديث، كبير الشأن طال عمره وعلا إسناده، مات بقزوين سنة (٤٤٦ هـ). (سير أعلام النبلاء (١٧/ ٦٦٦).
(^٣) وفيات الأعيان (١/ ٧١).
1 / 17
الثاني: ما رواه ابن عساكر من طريق أبي سليمان بن زبر، أنه قال: (قال لي أبو جعفر الطحاوي أول من كتبت عنه الحديث المزني، وأخذت بقول الشافعي، فلما كان بعد سنين قدم أحمد بن أبي عمران قاضيًا على مصر (^١) فصحبته وأخذت بقوله، وكان يتفقه للكوفيين وتركت قولي الأول، فرأيت المزني في المنام وهو يقول لي: يا أبا جعفر اغتصبك أبو جعفر يا أبا جعفر اغتصبك أبو جعفر يعني ابن أبي عمران) (^٢) - فهاتان الروايتان من أصح الروايات سندًا إلى الإمام الطحاوي، فينبغي الأخذ بهما والعدول عن غيرهما مما لم تستقم أسانيدها إلى أبي جعفر الطحاوي- ﵀.
فيكون السببان هما: إعجاب خاله بكتب الحنفية حيث كان يديم النظر فيها، مما دعا الطحاوي إلى التطلع إلى معرفة هذا المذهب، حتى استمر به الأمر، أن قال بهذا المذهب وترك سواه.
وأما الأخر: فصحبته لأحمد بن أبي عمران لما قدم إلى مصر، والذي تولى التدريس والتعليم فيها، وقد كان رجلًا ذا علم وفضل، قال صاحب الجواهر المضية: (وكان مكينا في العلم، وحسن الدراية بألوان من العلم كثيرة). (^٣)
وقد كان قدومه إلى مصر ومجيئه بعد مجيء القاضي بكار بن قتيبة (^٤) الذي كانت سيرته بحق سيرة عطرة ومثلًا يؤتسى، وكان في شخصيته وهديه وسمته وقوله الحق، داعية طيبة لمذهب الأحناف حتى كان ابن طولون يجله ويحترمه ويحضر مجلسه (^٥).
_________
(^١) ولم أقف عن سنة دخوله مصر بعد ما بحثت ذلك في كتب التراجم والتواريخ.
(^٢) انظر: سبر أعلام النبلاء (١٥/ ٢٧) والحاوي (١٧) وأبي جعفر الطحاوي المحدث االفقيه (٨١).
(^٣) الجواهر المضية (١/ ٣٣٧).
(^٤) وقد كان مجيء القاضي بكار في سنة (٢٤٦ هـ)، (سير أعلام النبلاء) (١٢/ ٦٠٤).
(^٥) النجوم الزاهرة (٣/ ١٨)
1 / 18
وقد كانت مناظرات بكار مع خال الطحاوي المزني أشهر من أن تخفى، مما كان يدعو المزني إلى النظر في كتب الأحناف، حتى يتأتى له الرد على حجج بكار بن قتيبة، الأمر الذي استرعى الطحاوي وقاده شيئًا فشيئًا إلى مذهب الأحناف.
قال الكوثري (^١): (تفقه الطحاوي على الإمام المزني في نشأته، وكلما تقدم في الفقه كان يجد نفسه بين تدافع مد وجزر في التأصيل والتفريع، وبين إقدام وإحجام في النقض والإبرام في قديم المسائل وحديثها، وكان لا يجد عند خاله ما يشفي غلته في بحوثه، فأخذ يرصد ما يعمله خاله في المسائل الخلافية، فإذا هو كثير المطالعة لكتب أبي حنيفة، فينفرد عن إمامه منحازًا إلى رأي أبي حنيفة في كثير من المسائل سجلها في مختصره، وأخذ يطلع على المنهج الفقهي عند أهل العراق فأجتذبه، حتى أخذ يتفقه على أحمد بن أبي عمران بعد أن اطلع على رد بكار بن قتيبة على كتاب المزني، فأصبح في عداد المتخيرين لهذا المنهج نابذا منهجه القديم) (^٢).
هذا ما استطعت أن أقف عليه مما كتبه الناس في سبب تحول الطحاوي ﵀ من مذهب الشافعي إلى مذهب أبي حنيفة.
_________
(^١) الكوثري هو: محمد زاهد بن الحسن بن على الكوثري (١٢٩٦ - ١٣٧١ هـ) فقيه حنيفي جركسي الأصل، نشأ بالآستانة، وتفقه فيها وتولي
رياسة مجلس التدريس، واستقر أخيرًا في القاهرة وله تآليف كثيرة منها تآليف عن الأئمة الحنفية، كما أن له تعليقات على كتب زمانه في الفقه
والحديث والرجال. (انظر: معجم المؤلفين (٣/ ٣٠٢) والأعلام (٦/ ١٢٩).
(^٢) الحاوي (١٥ - ١٦).
1 / 19
وتجدر الإشارة إلى أن الطحاوي وإن كان مقلدًا للمذهب الحنفي سائرًا وفق أصوله، فإنه كان مجتهدًا مستقلًا، بدليل مخالفته لأئمة مذهبه في كثير من المسائل، فهو بعيد كل البعد عن التقليد المحض، وكتبه أكبر شاهد على استقلال شخصيته العلمية (^١).
_________
(^١) انظر: الإمام أبو جعفر الطحاوي ومنهجه في الفقه الإسلامي (٤٠) ولسان الميزان (١/ ٢٨٠).
1 / 20