وقبيل الموعد المحدد للحفلة كانت إحدى سيارات الكرملين الفاخرة تتجه إلى مقر الضيف وتنقله رأسا إلى الساحة الداخلية للقصر، وعند مدخل هذه الساحة يظهر حارسان بكامل سلاحهما ويستوقفان السيارة، ويضغط أحدهما بحذائه على جرس أرضي فيسرع في الحال أربعة ضباط ممن ينتظرون في حجرة الحراس لكي يتولوا فحص الأوراق الخاصة بالضيف والتحقق من سلامتها.
وتسير السيارة بعد ذلك إلى ساحة داخلية أخرى، وفي تلك الساحة يستوقفها ستة ضباط آخرون لكي يعيدوا من جديد فحص الأوراق وتفتيش السيارة تفتيشا دقيقا ...
وإذا انتهت هذه المرحلة تحركت السيارة في طريقها واجتازت عدة ساحات داخلية أخرى في ظل عدد من الأعمدة التي تتميز بها قلعة الكرملين، ويرافق السيارة في تنقلها من ساحة إلى أخرى ضابط يقف على سلمها.
وأخيرا تقف السيارة أمام باب متواضع يقف عنده حاجب يرتدي الملابس الزرقاء، وهو مخصص لاستقبال ضيوف ستالين من الأجانب، ويصعد الضيف يتقدمه الحاجب إلى الدور الثاني بواسطة المصعد، ويسير الاثنان في رواق طويل يصطف الحجاب على جانبيه حتى يصلا إلى قاعة كسيت جدرانها بالخشب، وعلقت بها صور زيتية تمثل جميع أبطال روسيا الوطنيين ... ومن بينهم بعض أمراء موسكو.
ويقف ستالين مرتديا كسوة «الماريشال» وراء مائدة مصنوعة من خشب الزان السميك وقد غطيت بالمرايا، واعتاد ستالين أن يحيي ضيفه الأجنبي بعبارة تقليدية هي: راد فيديت داس جوسبودين!
ومعناها بالروسية: إنني سعيد جدا بلقائك ... يا سيدي!
وبعد أن تنتهي مراسيم التحية والترحاب يجلس الجميع طبقا لمراسيم وبروتوكول لا يقل دقة عن المراسيم التي تتبع في أي قصر ملكي عريق التقاليد!
وإلى جانب ستالين اعتاد أن يقف رجل صغير الحجم، تبدو عليه هيئة الجد، ويضع منظارا على عينيه، وهو لا يفارق ستالين عندما يقابل ضيفا أجنبيا.
وكان هذا الرجل هو «بافلوف» مترجم ستالين الخاص، ويقول المترجم للضيف في لغة إنجليزية صحيحة: إن مستر ستالين سعيد جدا برؤياك؟
وكان المعروف عن ستالين أنه إذا اشترك في مؤتمر من المؤتمرات جلس ليستمع أكثر مما يتكلم؛ بحيث لا يتقدم إلا بملاحظات قليلة جدا ... أما في المآدب فإن ستالين كان يسرف في الحديث إلى درجة لا تتيح الفرصة لبافلوف حتى يترجم له كل كلامه.
Page inconnue