Discours et leçons de Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
Genres
.. ولهذا كان الصواب وجوب التوحيد بالسمع والعقل، وإن اختلفت جهة الإيجاب، فالعقل يوجب بمعنى اقتضائه لفعله، وذمه على تركه وتقبيحه لضده، وإذا لم يكن حُسْنُ التوحيد، وقُبْحُ الشرك معلومًاَ بالعقل مستقرًا في الفطر، فلا وثوق بشيء من قضايا العقل، فهذه القضية من أجلِّ القضايا البديهيات، وأوضح ما ركب الله – جل وعلا – في العقول والفطر، والسمع يوجبه بهذا المعنى، ويزيد إثبات العقاب على تركه، والإخبار عن مقت الرب – جل وعلا – لتاركه، وبغضه له، وهذا قد يُعْلم بالعقل أيضًا فإنه إذا تقرر قبح الشيء وفحشه بالعقل، وعلم ثبوت كمال الرب – ﷻ – بالعقل أيضًا، اقتضى ثبوت هذين الأمرين علم العقل بمقت الرب – ﵎ – لمرتكبه، وأما تفاصيل العقاب، وما يوجبه مقت الرب – جل وعلا – فإنما يعلم بالسمع (١) .
ثانيهما: أن العقول وإن دلت على ذلك، فتلك الدلالة على وجه الإجمال، ولابد من تفصيل ما يجب لله – جل وعلا – على عباده من حقوق وواجبات، وما يتصف به من صفات الكمال، وبيان ما يضاد ذلك الحال، فالعقول لا تهدى لتفاصيل ذلك، فيلزم التفصيل والبيان، لرفع اللبس والإبهام، وذلك عن طريق الرسل الكرام – عليهم الصلاة والسلام – ورحمة الله على الإمام ابن القيم حيث يقول في بيان مكانة الرسل الكرام – عليهم الصلاة والسلام – ووظيفتهم:
وكان الناس في لَبْس ٍ عظيم ٍ ... فجاؤا بالبيان ِ فأظهروهُ
وكان الناس في جَهْل عظيم ٍ ... فجاؤا باليقين فأذهبوه ُ
وكان الناس في كُفْر عظيم ٍ ... فجاؤا بالرَّشَادِ فأبْطلوه ُ (٢)
الشرط الرابع للتكليف بالتوحيد:
(١) انظر مدارج السالكين: (١/٤٨٨-٤٩٢) مع تصرف يسير، واختصار كثير. (٢) انظر مدارج السالكين: (١/٤٠٦)، وصفحة: (١١٢/١١٣) من هذا المبحث المبارك.
1 / 106