صلاة الجمعة
صلاة الجمعة
Maison d'édition
مطبعة سفير
Lieu d'édition
الرياض
Genres
إسناده صحيح أيضًا، وكان عمرو ينوب عن زياد وعن ولده في الكوفة أيضًا ...» (١).
وقال الإمام ابن قدامة ﵀: «المستحب إقامة الجمعة بعد الزوال؛ لأن النبي ﷺ كان يفعل ذلك ...؛ ولأن في ذلك خروجًا من الخلاف؛ فإن علماء الأمة اتفقوا على أن ما بعد الزوال وقت للجمعة، وإنما الخلاف فيما قبله، ولا فرق في استحباب إقامتها عقيب الزوال بين شدة الحر وبين غيره؛ فإن الجمعة يجتمع لها الناس، فلو انتظروا الإبراد شق عليهم، وكذلك كان النبي ﷺ يفعلها إذا زالت الشمس في الشتاء والصيف (٢) على
_________
(١) فتح الباري، لابن حجر، ٢/ ٣٨٧: نقل هذه الآثار عن الصحابة وصححها كما ترى. ثم ذكر ما يعارض هذه الآثار، ومنها أن عبد الله بن مسعود صلى الجمعة ضحى، وضعفه، ومنها ما نقل أن معاوية صلى الجمعة ضحى، وضعفه أيضًا. وقال في احتجاج بعض الحنابلة بقوله ﷺ: «إن هذا يوم جعله الله عيدًا للمسلمين» فلما سماه عيدًا جازت الصلاة فيه وقت العيد كالفطر والأضحى، وتعقب بأنه لا يلزم من تسمية يوم الجمعة عيدًا أن يشتمل على جميع أحكام العيد، بدليل أن يوم العيد يحرم صومه مطلقًا سواء صام قبله أو بعده بخلاف يوم الجمعة باتفاقهم» فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٣٨٧.
(٢) وأما حديث أنس ﵁: «كان النبي ﷺ إذا اشتد البرد بكر بالصلاة، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة» يعني الجمعة [البخاري، برقم ٩٠٦]، فقال الحافظ ابن حجر ﵀: قوله: «بابٌ إذا اشتد الحر يوم الجمعة» لما اختلف ظاهر النقل عن أنس وتقرر أن طريق الجمع أن يحمل الأمر على اختلاف الحال بين الظهر والجمعة كما قدمناه جاء عن أنس حديث آخر يوهم خلاف ذلك ترجم المصنف هذه الترجمة لأجله ... قوله: «وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة، يعني الجمعة» لم يجزم المصنف بحكم الترجمة لاحتمال الواقع في قوله: يعني الجمعة؛ لاحتمال أن يكون من كلام التابعي، أو من دونه، وهو ظن ممن قاله، والتصريح عن أنس في رواية حميد الماضية أنه كان يبكر بها مطلقًا من غير تفصيل، ويؤيده الرواية المعلقة الثانية فإن فيها البيان: بأن قوله: «يعني الجمعة»، إنما أخذه قائله مما فهمه من التسوية بين الجمعة والظهر عند أنس حيث استدل لما سئل عن الجمعة: «كان يصلي الظهر» وأوضح من ذلك رواية الإسماعيلي من طريق أخرى عن حرمي ولفظه: «سمعت أنسًا - وناداه يزيد الضبي يوم الجمعة يا أبا حمزة قد شهدت الصلاة مع رسول الله ﷺ فكيف كان يصلي الجمعة -؟ فذكره ولم يقل يعني الجمعة ... وعرف بهذا أن الإبراد بالجمعة عند أنس إنما هو بالقياس على الظهر، لا بالنص، لكن أكثر الأحاديث تدل على التفرقة بينهما» [فتح الباري لابن حجر، ٢/ ٣٨٩].
1 / 98