173

Livre de la politique ou la marche des rois

سياست نامه أو سير الملوك

Chercheur

يوسف حسين بكار

Maison d'édition

دار الثقافة - قطر

Numéro d'édition

الثانية، 1407

ما تصرف خلافا لهذا فإنه لأحب إلينا أن نتحمل وطأة الأذى والاستخفاف من مسلم لا من يهودي

ولما قرأ أمير المؤمنين عمر الرسالة قال أيتسنى ليهودي يعيش على وجه الأرض سالما أن يشعر بالتفوق والفضل على المسلمين وأمر بأن يكتب إلى سعد بن أبي وقاص اعزل ذلك اليهودي وول عمله مسلما

ولما قرأ سعد الرسالة أمر بندب خيال إلى العامل اليهودي أنى وجد والمجيء به إلى الكوفة ثم بعث برسل اخرين إلى مختلف نواحي بلاد العجم ليأتوا بالعمال المسلمين من حيث يجدونهم إلى الكوفة

لما أحضر اليهودي والعمال الاخرون جميعا لم ير سعد في عمال العرب والعجم من المسلمين من له القدرة والكفاية على القيام بعمل اليهودي ولم يجد فيهم من يعرف أصول المعاملة مثله أو أن له خبرته وقدرته على تحصيل الأموال والإعمار ومعرفة الناس والإحاطة بما حصل وما لم يحصل من خراج فاضطر إلى إبقائه على رأس عمله وكتب إلى أمير المؤمنين رسالة تقول لقد امتثلت أمر أمير المؤمنين فأحضرت اليهودي وعقدت مجلسا جمعت فيه كل العمال والمتصرفين في ديار العرب والعجم فلم يكن في العرب من له دراية بأحوال العجم وشؤونهم أما عمال العجم فتبيين لي بعد استقراء أن ليس فيهم من له كفاية اليهودي ومهارته في المعاملة وحسن نصرفه وإدارته ومعرفته الناس لقد اضطررت إلى إبقائه في عمله حتى لا يتسرب الخلل إلى شتى أنواع المعاملات ولكي يستمر تحصيل الأموال وإني في انتظار أمر أمير المؤمنين

لما وصلت الرسالة الى أمير المؤمنين عمر وقرأها تملكه العجب فقال يا للعجب يختار غير ما اخترت ويرى غير ما رأيت وتناول القلم وكتب في أعلى الرسالة نفسها مات اليهودي ثم أعادها إلى سعد بن أبي وقاص

إن ما عناه عمر بقوله مات اليهودي هو هب أن اليهودي قد مات وكل نفس ذائقة الموت فالموت بمثابة العزل عن العمل واعلم أن العمل يجب ألا يتوقف بموت أي عامل أو عزله بل ينبغي ندب رجل اخر له فلم تظل عاجزا هكذا

ولما تسلم سعد الرسالة وقرأ توقيع عمر في أعلاها عزل اليهودي فورا وعين مسلما مكانه وتسلم المسلم عمله فتبين بعد سنة أن ما أنجز على يد العامل المسلم أفضل بكثير

Page 215