Les Voies des pieux prédécesseurs
سير السلف الصالحين
Chercheur
د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد
Maison d'édition
دار الراية للنشر والتوزيع
Lieu d'édition
الرياض
وَأَبَوَيِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَنَا عَنْهُ مُتَنَزِّهٌ وَعَمَّا يَقُولُونَ بَرِيءٌ، وَعَلَى مَا يَقُولُونَ مُعَاقِبٌ، أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّهُمَا إِلَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَلَا يَبُغِضُهُمَا إِلَّا فَاجِرٌ رَدِيٌّ، صَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَلَى الْوَفَاءِ وَالصِّدْقِ يَأْمُرَانِ، وَيَنْهَيَانِ، وَيَقْضِيَانِ، وَيُعَاقِبَانِ، وَلَا يُجَاوِزَانِ رَأْيَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَلَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَرَى مِثْلَ رَأْيِهِمَا رَأْيًا، وَلَا يُحِبُّ كَحُبِّهِمَا أَحَدًا، مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ عَنْهُمَا رَاضٍ، وَمَضَيَا وَالْمُؤْمِنُونَ عَنْهُمَا رَاضُونَ، أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ عَلَى صَلَاةِ الْمُؤْمِنِينَ فَصَلَّى بِهِمْ تِسْعَةَ أَيَّامٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ ﷺ، وَاخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ وَلَّاهُ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَعْطَوْهُ الْبَيْعَةَ طَائِعِينَ غَيْرَ كَارِهِينَ، أَنَا أَوَّلُ مَنْ سَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَهُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ يَوَدُّ لَوْ أَنَّ أَحَدَنَا كَفَاهُ ذَلِكَ، كَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ، أَرْحَمَهُ رَحْمَةً وَأَرْأَفَهُ وَأَبْيَنَهُ وَرَعًا، وَأَقْدَمَهُ سِنًّا وَإِسْلَامًا، شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمِيكَائِيلَ رَحْمَةً، وَبِإِبْرَاهِيمَ عَفْوًا وَوَقَارًا، فَسَارَ بِنَا سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى مَضَى عَلَى ذَلِكَ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَلِيَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁، وَاسْتَأْمَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذَلِكَ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَضِيَ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ، فَكُنْتُ فِيمَنْ رَضِيَ، فَلَمْ يُفَارِقِ الدُّنْيَا حَتَّى رَضِيَ عَنْهُ مَنْ كَانَ كَرِهَهُ، وَأَقَامَ الْأَمْرَ عَلَى مِنْهَاجِ النَّبِيِّ ﷺ وَصَاحِبِهِ يَتَّبِعُ آثَارَهُمَا كَاتِّبَاعِ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ،
1 / 121