Les épopées et les sagas populaires arabes
السير والملاحم الشعبية العربية
Genres
ويمكن القول بالنسبة لعالمنا العربي إن كلا التوريث والانتساب للجدود يسير في خطين، صحيح أن السلطة للرجال في هذا المجتمع الذكوري، إلا أن الجنة تحت أقدام الأمهات، إلا أنه من حيث الميراث والتوريث يسير في خطين.
وكان ل «ريموند فيرث» سبق التوصل والتبصير بهذه الطريقة الثالثة التي لا هي بالأبوية الذكورية، ولا هي بالأمومية الأنثوية، وإنما هي تجمع بين النظامين، وعرفها فيرث بالقرابة المزدوجة؛ أي التي يمكن تتبعها في أناس آخرين عن طريق كل من الأب والأم، كما يمكن تتبع ملامحها عبر مختلف الطرق والأبنية أو المداخل، من لغوية، واقتصادية أو قرابية تتصل بالميراث والتوريث، بالإضافة إلى رواسب نظام التابو والطوطمية.
ومن المفيد هنا الإشارة إلى أنه من الصعب علينا - كمجتمعات عربية أبوية - تصورنا لإمكان استمرار مجتمعات أخرى كثيرة.
مشاكل التراكمات الملحمية لسيرنا العربية
هناك سمة أو ظاهرة تختص بها الأعمال والإبداعات الشعبية الجمعية الكبرى من سير أنساب قبائلية وملاحم إنشادية، أوقعت الكثير من الدارسين في مزالق أبعد عن العلمية.
هذه السمة أو الظاهرة ذات الصفة العامة في التراث العالمي؛ هي ما اتفق على تسميتها بالتراكم الملحمي والسيري، من أحداث لاحقة تتعلق بنمط في الجسد الأصلي للسيرة أو الملحمة، ما تضيفها وتضفيها العصور المتوالية، سواء من حيث الانحراف بمجرى الأحداث أو البطولات. ومن أمثلتها الصراع العدناني القحطاني في السيرة الهلالية، بحسب نية القرابية للمجتمعات العربية التي تروى فيها، أو من حيث الانحراف وتغيير البنية القرابية التي عادة ما كان يضطلع بها نسابو القبيلة وشعراؤها، وبمعنى آخر: التدخل في مسيرة النسب ذاته بالتغيير والتبديل والإضافة؛ بهدف إضفاء التمجيد على أسر أو أبطال محليين تالين أو معاصرين.
كما أن التراكم الملحمي، لا يقتصر عادة على النصوص الشفهية المتواترة بالحكي أو الإنشاد الشعري والروائي، بل هو يصل ويطال النص أو المخطوطة المدونة ذاتها، وحتى فيما بعد المعرفة بالطباعة وانتشارها منذ القرن السابع عشر في بلادنا؛ فقد تعرضت تركتنا الفولكلورية العربية بعامة للكثير من إضافات النساخ والطباعة.
من ذلك التدخل الواضح للنساخ اليهود في مجرى أحداث بعض السير والملاحم العربية، أبرزها هنا «الزير سالم» التي تجري أحداثها المركزية في فلسطين العربية منذ أقدم العصور.
فالتراكم الملحمي أو السيري اصطلاح متفق عليه، يشير إلى ما يعلق بجسم الأعمال الملحمية والسير من أحداث مستجدة ودخيلة، سواء على المستوى المكاني الجغرافي، أو الزماني التاريخي.
وإذا ما أخذنا مثالا من واقعنا وتراثنا الملحمي؛ نجد أن الأنماط المستقلة لأي منها - مثل بني هلال، أو الملك سيف بن ذي يزن، أو عنترة، أو الزير سالم - تكتسب أحداثا وإضافات وتراكمات جانبية جديدة، يضفيها كل مجتمع وكيان من بلداننا العربية، سواء أجاءت هذه الإضافات تبعا للمأثورات أو الخرافات المحلية، أو تلك التي قد يستحدثها الرواة ومنشدو السير والملاحم.
Page inconnue