بقين من جمادى الاخرة سنة ثلاث عشرة ودفن خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وله مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحوال وأخبار، وله فضائل ومنزلة عند رسول الله لا يطمع فيها غيره، وهو افضل من اهتدى بهداه، وخير من سلك سبيله، واتم من اقتدى به، واكمل من اتبع اثره، وقال فيه رسول الله عليه السلام: ((ارحم امتي بامتي أبوبكر)) وفي رواية ارءف امتي بامتي.
عن أبي الدرداء إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما طلعت الشمس وما غربت على احد خير وافضل من أبي بكر)). وكان مجلسه عن يمين رسول الله وصلاته خلفه، وهو الذي يؤمن اذا دعا ، ويتلوه اذا مشى، وكان أول الناس أسلاما، وأخلصهم أيمانا، وأشدهم يقينا. وأخوفهم لله قلبا، وأحسنهم صحبة، وأحوطهم على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق، وأقربهم من رسول الله مكانا، وأشبههم به هدى، وخلقا، وفضلا، وسمتا، واكرمهم عليه، وأوثقهم عنده.
وردت فيه عن النبي احاديث، تدل على كمال فضله، وتمام قربه منه، وكثرة يقينه، ورسوخ ايمانه، فاطلبها في فضائله ومناقبه وكفاك إن الله سماه صديقا، متقيا، {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون} وسماه صاحبا. {ثاني اثنين إذ هما في الغار}إلى معنا. وانه رافق رسول الله في الهجرة، ومواطن الكره، وسار مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين تخلفوا، واقام معه اذ قعدوا، وصبر في الشدائد اكرم الصبر، واستخلفه رسول الله في الصلاة؛ بل قيل انه اراد أن يكتب له؛ أن لا يختلف عليه اثنان. فلما تولى
Page 19