Un secret qui me tourmente

Alice Munro d. 1450 AH
80

Un secret qui me tourmente

سر يؤرقني

Genres

تذكرت دوروثي نفسها عندما كانت شابة، وكيف أنها ألقت بنفسها على العشب بجوار الممر بمزرعة والدها وأخذت تصرخ وتنوح، ولماذا؟ لأن والدها وإخوتها كانوا يستبدلون بالسور القديم، الذي كان مقوسا ومكسوا بالطحالب، أسلاكا شائكة! بالطبع لم يسترع احتجاجها وصراخها انتباه أحدهم، وبمرور الوقت أفاقت وغسلت وجهها بالماء واعتادت على منظر الأسلاك الشائكة. كم كانت تكره التغيير، كم كانت متشبثة بأشياء بالية، كانت تعتبر ذلك السياج المخضر والمتعفن شيئا بديع المنظر، أما الآن فقد غيرت من نفسها، أصبحت تتقبل ما استبدل بما كانت تراه جميلا، أصبحت الآن تتقبل الظلال المختلفة على العشب، والرصيف الرمادي، لكنها بذات الوقت تتحاشى التسليم بذلك مطلقا، فهو لا يشكل أمرا كبيرا بالنسبة لها، ولا حتى يشعرها بالألفة. هي تفترض أن هذه البيوت القابعة عبر الشارع موجودة منذ أربعين سنة، وقبل ذلك بوقت طويل، حيث إن هذه البلدة هي بلدتها منذ طفولتها، وكم من مرة مشت بهذا الطريق مع أسرتها قادمة من الريف في طريقها لتضع الحصان بحظيرة الكنيسة الميثودية. لكن إذا ذهبت كل تلك البيوت، وانطمس أي أثر لأسيجة الشجيرات والكرمات وأراضي الخضراوات وأشجار التفاح وما إلى ذلك، وحل محلها مركز تسوق كبير، فما كانت لترحل عن البلدة، بل على العكس، ستجلس كما تجلس الآن تنظر؛ ليس نظرة خاوية، بل ستنظر بشغف قوي إلى السيارات والرصيف واللافتات المضيئة والمحلات ذات الأسقف المسطحة وذلك السوبر ماركت الضخم ذي الشكل المنحني؛ أي شيء سيجعلها تنظر إليه، سواء أجميل أم قبيح، لا يهم؛ لأن أي شيء به شيء جديد يمكن اكتشافه. ترسخ لديها هذا الشعور عندما نضجت وكبرت، وهو ليس على الإطلاق نوعا من السلام أو تركا للأمور تعبر وتمر كما هو متوقع من المسنين، بل على العكس؛ إذ كان هذا التركيز المثير للضيف يؤلمها.

قالت فايولا لدوروثي أكثر من مرة: «تبدين كما لو كنت تفكرين بأمور محزنة، الأفكار السعيدة تحافظ على شبابك.»

أجابتها دوروثي: «فعلا؟ حسنا، لقد ولى وقت شبابي.»

عندما اقتلعت الأشجار أصبح من السهل الوصول بمرمى البصر إلى شارعي مايو وهاربر. رأت دوروثي جارهم بلير كينج آتيا من ناصية الشارع عائدا إلى المنزل من العمل. كان بلير كينج يعمل في محطة الإذاعة، التي لا تبعد أكثر من مربعين سكنيين عن هنا، وهو ليس من أهل البلدة شأنه شأن معظم العاملين بمحطة الإذاعة، وربما ينتقل من هنا في غضون سنوات قليلة. قام باستئجار المنزل المجاور لدوروثي له ولزوجته، لكن زوجته غير موجودة حاليا، فهي محجوزة بالمستشفى منذ عدة أسابيع.

توقف بلير كينج ناظرا إلى اللوحة المعدنية التي تحملها سيارة جانيت والتي تحمل أرقاما تشير إلى أنها من خارج المنطقة.

فقالت له دوروثي: «إنها سيارة حفيدتي التي تزورنا من حين لآخر!»

ما الذي دفعها لقول ذلك؟ فلا هي أو فايولا على معرفة جيدة بآل كينج، وحتى لم يتبادلوا الزيارات. كان الرجل شخصا ودودا بطريقة تبدو شبه رسمية، أما الزوجة فكانت هادئة السمت. لم يصنعوا الكثير بباحة منزلهم؛ فالزوجة كانت تعمل بمكتبة البلدة قبل أن تصاب بالمرض. رأتها دوروثي وفايولا بالصدفة أكثر من مرة بمحيط منزلها، وكانت طريقتها في اللبس كبنت بالجامعة؛ فكانت ترتدي تنورة وجاكيت وتضع مشبكا بشعرها المنسدل على كتفيها (كانت كهيئة البنت بالجامعة منذ خمسة عشر عاما، فهي لم تواكب عصر الموضة كما تفعل جانيت)، وكانت نبرة صوتها منخفضة ومهذبة بطريقة كانت تشعر أهل البلدة بالإهانة قليلا. أيضا نادرا ما قابلت دوروثي في حياتها شخصا يملك في وجهه تلك الثقة والألفة مجتمعتين.

قالت فايولا: «الرجل الوسيم دائما ما يقع اختياره على امرأه كهذه، هل يعقل أنهما غير مهتمين بالمظاهر رغم تمتع كل منهما بهذا المظهر الجميل؟»

اقترب بلير كينج من الشرفة بحكم الجيرة لكنه لم يصعد إلى الشرفة، بل وضع قدما على السلم واتكأ على إحدى ركبتيه. كان وسيما لكنه لم يكن مهندما، ابتسامته كصوته مصطنعة وغير تلقائية. فالمشكلة التي تعاني منها زوجته تؤثر عليه أيما تأثير.

قال بإعجاب: «تثير سيارتها إعجابي كلما مررت من هنا.» «اشترتها من أوروبا السنة الماضية وشحنتها إلى هنا. كيف حال زوجتك؟»

Page inconnue