قال الدكتور بيبلز: «سيسر بالطبع لوجودك، لكنها حياة صاخبة تلك؛ أن يتنقل المرء من مكان لآخر دون الاستقرار في مكان وتكوين صداقات.»
سألتها لوريتا بيرد: «هل أنتما مخطوبان منذ فترة طويلة؟»
أكملت أليس كيلينج حديثها كأن لم تسمعها، قائلة: «كنت أنوي المكوث في الفندق، لكن عندما قادني البحث عن كريس إلى هنا أتيت مباشرة، هل لي أن أحادثهم بالهاتف؟»
أجاب الدكتور بيبلز: «لا داعي لذلك، ستكونين على بعد خمسة أميال عن السيد واترز إن مكثت بذلك الفندق، أما هنا فما عليك إلا قطع الطريق. بإمكانك المكوث معنا، البيت كبير ويسع الجميع.»
بالقطع إن دعوة الناس للمكوث بهذه الطريقة هي عادة أهل القرى، ويبدو أنها أصبحت مألوفة للدكتور بيبلز الآن، لكن ليس للسيدة بيبلز؛ إذ بدا ذلك جليا من الطريقة التي قالت بها: «نعم، لدينا العديد من الغرف.» ويبدو أنه لم يكن مألوفا لأليس كيلينج أيضا التي لم تنفك تعترض، وفي النهاية أعياها الاعتراض. انتابني شعور أن ذلك كان إغراء لها، لتكون بذلك القرب من كريس. وبينما كانوا يتحدثون، كنت أحاول أنا اختلاس النظر إلى خاتم الخطبة بيدها، كانت تضع طلاء أحمر على أظافرها، وكانت أصابعها مجعدة وبها نمش، وكان حجر الخاتم صغيرا جدا. لقد رأيت خاتم ابنة عم صديقتي موريل لو، وكان يكبره بمرتين.
أتى كريس آخر النهار ليملأ الماء، في نفس الوقت الذي توقعه الدكتور بيبلز بالضبط، ولا بد أنه علم بوجودها حين رأى سيارتها بالخارج فأقبل مبتسما.
قالت له أليس كيلينج: «ها أنا أقوم بملاحقتك لأرى ماذا ستفعل!» نهضت من جلستها وأقبلت عليه لتقبله قبلة خاطفة أمامنا جميعا.
قال لها كريس: «بهذه الطريقة ستنفقين كل ما لديك على البنزين.»
دعاه الدكتور بيبلز إلى العشاء، بعد أن علق كريس اللافتة المكتوب عليها «لا رحلات حتى الساعة السابعة.» وطلبت مني السيدة بيبلز أن أقدم العشاء في الفناء، بالرغم من وجود حشرات هناك. كان تناول الطعام بالخارج أمرا لم يألفه أهل الريف. كنت قد أعددت سلطة البطاطس مسبقا، وأعدت السيدة بيبلز سلطة الجيلي، أحد الأطعمة التي تستطيع إعدادها؛ لذا لم نقدم سوى هذين الصنفين مع شرائح اللحم والخيار وأوراق الخس الطازجة. أخذت لوريتا بيرد تتسكع قليلا قائلة: «حسنا، أعتقد أنني يجب أن أعود أدراجي إلى هؤلاء البؤساء، مع أن الجلسة معكم لطيفة ولا أريد القيام من مجلسي.» ومع ذلك لم يدعها أحد للمكوث، وهو ما سرني، وأخيرا اضطرت إلى الرحيل.
في تلك الليلة خرج كريس وأليس معا بالسيارة إلى مكان ما بعد انتهائه من الرحلات الجوية. أما أنا فاستلقيت على السرير دون أن يغمض لي جفن حتى عادا. عندما رأيت أنوار السيارة تضيء سقف غرفتي، قمت لأشاهدهما من النافذة مختبئة وراء الستار، لا أعلم تحديدا ما الذي دفعني فضولي لرؤيته. عندما كنت أذهب إلى موريل لو ببيتها اعتدنا معا النوم بشرفة المنزل الأمامية لنتمكن من رؤية أختها وصديقها وهو يودعها. بعدها لا نستطيع النوم، بل نجلس معا وكل منا مشتاقة لشخص يقبلها ويداعبها، ونسترسل في الحديث سارحين بخيالنا أن الواحدة منا على قارب مع صبي ولن يعيدها إلى الشاطئ حتى تمارس الحب معه، أو أن أحدهم يوقع بها في الحظيرة، وحينها لن يكون خطأها، بل ستكون مضطرة. وكانت تحكي موريل لي أن إحدى بنات عمها تمثل دور الصبي بينما تمثل الأخرى دور محبوبته. بالطبع لن نفعل شيئا كهذا؛ فأقصى ما نفعله هو الاستلقاء وترك العنان لخيالنا يسرح بعيدا.
Page inconnue