فأما قول أبي ذؤيب:
شربن بماء البحر ثم ترفعت ... متى لجج خضر لهن نئيج١
يعني السحاب، فالباء فيه زائدة، إنما معناه: شربن ماء البحر، هذا هو الظاهر من الحال، والعدول عنه تعسف٢.
وقال بعضهم: معناه: شربن من ماء البحر، فأوقع الباء موقع من.
وأخبرنا محمد بن الحسن٣، عن أحمد بن يحيى٤ قال: قال أبو عثمان، يعني المازني، في قول الشاعر٥:
فكفى بنا فضلا على من غيرنا ... حب النبي محمد إيانا٦
إنما تدخل الباء على الفاعل، وهذا شاذ يريد أن معناه: كفانا.
١ متى لجج: من لجج في لغة هذيل. واللجج: مجتمع الماء الكثير.
والنئيج: صوت الماء يمر مرورا سريعا.
الشرح: هؤلاء الفتيات شربن من ماء البحر الجاري ذو الخرير الجميل.
والشاهد فيه قوله "بماء" فالباء زائدة، وقيل هي بمعنى "من" أي شربن من ماء البحر.
٢ التعسف: التكلف. مادة "عسف". القاموس المحيط "٣/ ١٧٠".
٣ محمد بن الحسن: هو أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم بن يعقوب أحد القراء بمدينة السلام، كان عالما باللغة والشعر، وسمع من ثعلب، توفي سنة ٣٦٢ "الفهرست لابن النديم ص٤٩".
٤ أحمد بن يحيى: هو أبو العباس ثعلب إمام من أئمة الكوفيين.
٥ البيت لكعب بن مالك الأنصاري، من بني سلمة، وهم بطن من بطون الخزرج.
قال عنه صاحب الطبقات: إنه شاعر مجيد، وقد قال له رسول الله ﷺ: أترى أن الله نسي قولك:
زعمت سخينة أن ستغلب ربها ... وليغلبن مغالب الغلاب
وسخينة: لقب لقبت به قريش لحبهم أكل السخينة.
١ كفى: حسب. فضلا: عظمة.
الشرح: حسبنا من الفضل حب النبي ﷺ لنا.
الشاهد: زيادة الباء على المفعول به في قوله "بنا" وهذا شاذ، لأنها تدخل قياسا على الفاعل لا على المفعول.
إعراب الشاهد: "بنا" الباء حرف جر زائد. نا: ضمير مبني في محل جر.