-كما في «الكاوي» مثلًا- فإنَّا لا نجد عُشْرَ ذلك عند الحافظ السَّخاوي -رحمهما الله تعالى- (١) .
_________
(١) عجبي لا ينتهي من حطِّ محمد عبد الله عنان في كتابه «مصر الإسلامية وتاريخ الخطط المصرية» (ص ٢٦٣-٢٧٥) على السَّخاوي، ووصفه بأقذع وأبشع الأوصاف، والانتصار بقوة لخصومه! دون جمع للأقوال، والموازنة بينها، وإنما بمجرد اختيار عباراتٍ للسَّخاوي والتعليق عليها بعبارات جارحة، كقوله (ص ٢٦٥) على إثر عبارة: «يعتبر في عصرنا غلوًّا وإنحرافًا؛ بل يعتبر غرورًا مذمومًا وسفاهة مرذولة» !! و«يضطرم بعوامل التنافس والحقد والغيرة والجدل الملتهب»، وقوله (ص ٢٦٧): «يغدو صارمًا شديد الوطأة، كثير الخبث، شغوفًا بالهدم، ينقب عن مواضع الضعف بمثابرة مدهشة، حتى أنك تلمس في أحيان كثيرة أثر هذا الشغف في تتبع السقطات والهنات مما يرغم على إيراده من المآخذ التافهة السخيفة أحيانًا، كلما أعوزته مادة الهجوم والانتقاص، وأحيانًا يجد السَّخاوي في الخلال والظروف الشخصية منفذًا للطعن، وهنا يلجأ بخبث إلى النقل عن آخرين ...» .
إلى غير ذلك من العبارات التي فيها مثل هذه الطعون!
نعم؛ في «الضوء» شيء من ذلك، ولذا امتنع بعض أهل العلم من إعارته، وكان ذلك سببًا لاختصار المؤرخ عمر بن أحمد الشماع له، ذكر ذلك في ديباجة «القبس الحاوي» (١/٢٨)، قال:
«وسبب جمعي له وتلخيصه وتحريره وتهذيبه وتنقيحه، هو أنه أوقفني صاحبنا المحدّث جار الله ابن شيخنا الحافظ عز الدين عبد العزيز بن فهد المكي بها، في المحرم سنة (سبع وعشرين وتسع مئة) على تأريخ الحافظ شمس الدين محمد السَّخاوي ولي منه إجازة، ويسمى: «الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع» .
فأعجبني جملةٌ من تراجمه الفائقة، وقد كنت طلبت من والده المذكور أن يوقفني عليه في أثناء مجاورتي الأولى، سنة (ستَّ عشرة وتسع مئة)، فامتنع من ذلك؛ واعتذر بأنّ في بعض تراجمه ما ينبغي إخفاؤه وستر ما هنالك.
ولما يسر الله -تعالى- بوقوفي عليه شاهدت ما قصده شيخنا، وأشار إليه من التنكيت والتَّبْكيت على أقوام في تراجم كثيرة، ونشر محاسن آخرين بعبارة حسنة فائقة مفيدة، فعزمت على تلخيص محاسن تراجمه، والإعراض عما لا فائدة في نقله، فتوجهت إلى مطالعته، وسرّحت النظر في أزهاره ونوّاره، وولجت بين ملتفّ أشجاره، وميّزت بين عشبه ورياضه، فرأيته قد اشتمل على أقسام أربعة، لم أقف على من نبَّه عليها.
وها أنا بحمد الله وتوفيقه أُفصِّلها لك بعبارة واضحة محرَّرة:
القسم الأول: يصف أهله بالجمع بين العلم والعمل.
القسم الثاني: يصف أهله بالقليل من العلم فقط. =
1 / 56