إنه انفرد بفنّه، وطار اسمه في الآفاق به، وكثرت مصنّفاته فيه وفي غيره، وكثير منها طار شرقًا وغربًا، شامًا ويمنًا، ولا أعلم الآن من يعرف علوم الحديث مثله، ولا أكثر تصنيفًا، ولا أحسن، وكذلك أخذها عنه علماء الآفاق، من المشايخ والطلبة والرفاق، وله اليد الطولى في المعرفة بأسماء الرجال، وأحوال الرواة، والجرح والتعديل، وإليه يشار في ذلك، ولقد قال بعض العلماء: لم يأت بعد الحافظ الذهبي مثله سلك هذه المسالك، وبعده مات فن الحديث، وأسف الناس على فقده، ولم يخلف بعده مثله» .
ولا يفوتنا التنبيه على أن السَّخاوي ﵀ كان حريصًا على تسجيل ثناء الناس عليه، سواء شيوخه أم تلاميذه، أو حتى العامة ممن يلتقي بهم، حتى أفرد بالتصنيف كتابًا سماه: «من أثنى عليه من العلماء والأقران ...»؛ بل عقد فصلًا أثناء ترجمته نفسه في «الضوء اللامع» (١) لمن أثنى عليه، إضافة إلى ذكره عبارة كل منهم أثناء ترجمته من «الضوء اللامع»، أو «التحفة اللطيفة»، أو الإشارة -على الأقل- إلى أنه كان يفعل ذلك.
ويبدو لنا أن سبب هذا الحرص الشديد: ما كان بين السَّخاوي وبعض معاصريه من التنافس، خاصة عصريَّه الحافظ السيوطي -كما يأتي-.
• مؤلفاتهُ (٢):
إن الحافظ شمس الدين السخاوي (٨٣١-٩٠٢هـ) من العلماء المكثرين من التصنيف في جوانب عديدة من العلوم الإسلامية، خاصة علْمي الحديث والتاريخ، وما زال المطبوع منها شيئًا قليلًا، وقد امتازت مؤلفاته بالتحرير
_________
(١) (٨/١٩- ٣٢) .
(٢) جمعتها في ثبت، ورتبتها على حروف المعجم، وصدر أول مرة عام (١٤١٩هـ)، وفيه (٢٧٠) عنوانًا، ثم زدت عليه وحققته وأضفت إليه وبلغت الكتب التي فيه (٣٤٨) مؤلفًا، سيصدر قريبًا -إن شاء الله تعالى-.
1 / 45