121

Le Secret Caché

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

Maison d'édition

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Lieu d'édition

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وكشف الغطاء في هذا إنما يراد لغيره ولا يراد لعينه، ينبغي أن يضاف إلى مقصوده، إذ به يظهر فضله، والدنيا ليست محذورة لعينها بل لكونها عائقة عن الوصول إلى الله -تعالى-، والفقر ليس مطلوبًا لعينه لكن لأن فيه فقد العائق عن الله -تعالى- وعدم التشاغل عنه، وكم من غني لا يشغله الغنى عن الله -تعالى- كسليمان ﵇، وكذلك عثمان وعبد الرحمن بن عوف ﵄. وكم من فقير شغله فقره عن المقصود وصرفه عن حب الله -تعالى- والأنس به، وإنما التشاغل له حب الدنيا، إذ لا يجتمع معه حب الله -تعالى-؛ فإن المحب للشيء مشغول به، سواء كان في فراقه أو في وصاله، بل قد يكون شغله في فراقه أكثر، والدنيا مشوقة الغافلين، فالمحروم منها مشغول بطلبها، والقادر عليها مشغول بحفظها والتمتع بها. وإن أخذت الأمر باعتبار الأكثر، فالفقير عن الخطر أبعد؛ لأن فتنة السراء أشد من فتنة الضراء، ومن العصمة أن لا تجد، ولما كان ذلك في طبع الآدميين إلا القليل منهم جاء الشرع بذم الغنى وفضل الفقر، وذكر كلامًا كثيرًا» . وقال القرطبي في «تفسيره» (٥/٣٤٣) [سورة النساء: ٩٥]-ونقل طرفًا منه ابن مفلح في «الآداب الشرعية» على إثر كلام ابن الجوزي السابق وفات المحققان توثيق النَّصين-: «وتعلّق بها -أيضًا- من قال: إن الغِنى أفضل من الفقر؛ لذكر الله -تعالى- المال الذي يوصل به إلى صالح الأعمال. وقد اختلف الناس في هذه المسألة مع اتفاقهم أن ما أحوج من الفقر مكروه، وما أبطر من الغِنى مذموم، فذهب قوم إلى تفضيل الغِنى؛ لأن الغنيّ مقتدر والفقير عاجز، والقدرة أفضل من العجز. قال الماوردي: وهذا مذهب من غلب عليه حب النباهة. وذهب آخرون إلى تفضيل الفقر، لأن الفقير تارك، والغني ملابس، وترك الدنيا أفضل من ملابستها، قال الماوردي: وهذا مذهب من غلب عليه حب السلامة، وذهب آخرون إلى تفضيل التوسط بين الأمرين بأن يخرج عن حدّ الفقر إلى أدنى مراتب الغنى ليصل إلى فضيلة الأمرين، وليسلم من مذمة الحالين. قال الماوردي: وهذا مذهب من يرى تفضيل الاعتدال وأن «خير الأمور أوسطها» . ولقدأحسن الشاعر الحكيم حيث قال: ألا عائذ بالله من عدم الغِنى ... ومن رغبةٍ يومًا إلى غير مرغبِ» قال أبو عبيدة: وكلام الماوردي في «أدب الدنيا والدين» (ص ١٩٧- ط. الأميرية، سنة ١٣٤٤هـ- ١٩٢٥م) وكلامه من نقل القرطبي السابق: «وقد اختلف الناس ...» إلى آخره بالحرف دون ما يوهمه أنه المعزو له فقط. وانظر: «سياسة النفوس» لسنان بن قرة (ت ٣٣١هـ) (ص ٥٥- تحقيق عبد الفتاح الغاوي)، وسيأتيك في التعليق على (ص ١٥٥ وما بعد) تفصيل مطوّل محرّر -إن شاء الله- في التفضيل يؤكد المنوّه به هنا، فانظره فإنه مفيد، والله الموفق للخيرات، والهادي إلى الصالحات.

1 / 132