113

Le Secret Caché

السر المكتوم في الفرق بين المالين المحمود والمذموم ويليه جواب في الجمع بين حديثين، هما: دعاؤه صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك بكثرة المال والولد، وحديث دعائه بذلك على من لم يؤمن به ويصدقه

Maison d'édition

مكتبة وتسجيلات دار الإمام مالك

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Lieu d'édition

الإمارات العربية المتحدة - أبو ظبي

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فبلغ ذلك أبا ذر، فخرج مُغضَبًا يريد كعبًا، فمرّ بلحي بعيرٍ، فأخذه بيده، ثم انطلق يطلب كعبًا، فقيل لكعب: إن أبا ذر يطلبك، فخرج هاربًا حتى دخل على عثمان، يستغيث به، وأخبره الخبر. فأقبل أبو ذر يقصُّ الأثر في طلب كَعب، حتى انتهى إلى دار عثمان، فلما دخل قام كعب، فجلس خلف عثمان هاربًا من أبي ذر، فقال له أبو ذر: يا ابن اليهودية، تزعم ألاّ بأس بما تركه عبد الرحمن! لقد خرج رسول الله ﷺ يومًا، فقال: «الأكثرون هم الأقلّون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا» [الحديث صحيح، دون القصة، كما سيأتي مفصلًا]» . قال المحاسبي: «فهذا عبد الرحمن -مع فضله- يوقف في عَرصة يوم القيامة، بسبب ما كسبه من حلال، للتعفف وصنائع المعروف، فيمنع السعي إلى الجنّة مع الفقراء، وصار يحبو في آثارهم حَبْوًا» . إلى غير ذلك من كلامه. ذكره أبو حامد وشيّده وقوّاه بحديث ثعلبة، وأنه أعطي المال فمنع الزكاة [سيأتي قول المصنف عن حديث ثعلبة: إسناده ضعيف جدًّا، وتخريجه هناك] . قال أبو حامد: «فمن راقب أحوال الأنبياء والأولياء وأقوالهم، لم يشك في أن فقد المال أفضل من وجوده، وإن صرف إلى الخيرات، إذ أقل ما فيه، اشتغال الهمّة بإصلاحه عن ذكر الله. فينبغي للمريد أن يخرج عن ماله، حتى لا يبقى له إلا قدر ضرورته، فما بقي له درهم يلتفت إليه قلبه، فهو محجوب عن الله -تعالى-» . قال ابن الجوزي [في «تلبيس إبليس» (ص ١٧٨)]: وهذا كله خلاف الشرع والعقل، وسوء فهم للمراد بالمال، وقد شرّفه الله، وعظّم قدره، وأمر بحفظه إذ جعله قِوامًا للآدمي، وما جعل قِومًا للآدمي الشريف فهو شريف، فقال -تعالى-: ﴿وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَآءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا﴾ [النساء: ٥]، ونهى -جلَّ وعزَّ- أن يسلم المال إلى غير رشيد، فقال: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦]، ونهى النبي ﷺ عن إضاعة المال، قال لسعد: «إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس» [أخرجه البخاري (٥٦، ٢٧٤٤، ٣٩٣٦، ٥٦٦٨، ٥٦٥٩، ٦٣٧٣، ٦٧٣٣)، ومسلم (١٦٢٨)] . وقال: «ما نفعني مال كمال أبي بكر» [الحديث صحيح، وخرجته بتفصيل في تعليقي على «المجالسة» (١٥١)] . وقال لعمرو بن العاص: «نعم المال الصالح، للرجل الصالح» . ودعا لأنس، وكان في آخر دعائه: «اللهم أكثر ماله وولده، وبارك له فيه» . وقال كعب: يا رسول الله! إنّ من توبتي أن أنخلع من مالي صدقةً إلى الله وإلى رسوله. فقال: «أمسك عليه بعض مالك، فهو خير لك» . =

1 / 124