144

Le Secret de l'Éloquence

سر الفصاحة

Maison d'édition

دار الكتب العلمية

Numéro d'édition

الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م

ويجب أن تعلم أن هذا الموضع من حشو البيت شديد المراعاة لأجل أنه القافية فإذا وقعت فيه الإصابة أو الخطأ كان أظهر لهما إذا وقعا في كلمة من متن البيت لما يختص به هذا الموضع من فضل العناية إذ كان متميزًا بالقصد مما هو طرف وقافية. وعلى هذا يقع الأمر أيضًا في السجع من الكلام المنثور وكثيرًا ما يتعذر على مؤلفه القرينة فيتحمل الكلام تمحلا شديدًا ويأتي بمعان خارجة عن غرضه حتى يظفر بالسجعة بعد تعب ويكون معها بمنزلة من يطلب شيئًا يقصده فهو يجد في الطلب والمقصود يجتهد في الهرب ويجئ من هذا اختلاف الفصول في الطول والقصر يجتهد في الهرب ويجئ من هذا اختلاف الفصول في الطول والقصر لأنه يحتاج في طلب القرينة إلى إطالة الفصل حتى يزيد على ما قبله زيادة فاحشة وهذا عيب ظاهر في أكثر من ينتحل صناعة الكتابة في زماننا هذا. وقد سن الكتاب المتقدمون من تجنب السجع في أكثر كلامهم سنة لو اعتمدت لوجدت فيها الراحة من هذا العارض لأنهم إذا كانوا لا يحفلون بالسجع فالواجب إطراحه في الموضع الذي يكون متكلفًا نافرًا. فأما الشعر فلا مندوحة عن القافية فإن تعذرت في البيت فليس غير ترك ذلك البيت رأسًا وسيأتي الكلام في هذا الباب إذا صرنا إلى ذكر التناسب في الألفاظ بمشيئة الله وعونه. فأما زيادة: ما في قول الله تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ﴾ ١ وقوله تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ﴾ ٢ فإن لها هنا تأثيرًا في حسن النظم وتمكينًا للكلام في النفس وبعدًا به عن الألفاظ المبتذلة فعلى هذا لا يكون حشوا لا يفيد. وأهل النحو يقولون إن ما في هذا الموضع صلة مؤكدة للكلام وقد يكون التوكيد عندهم بالتكرار كما

١ سورة آل عمران الآية ١٥٩. ٢ سورة النساء الآية ١٥٥. سورة المائدة الآية ١٣.

1 / 156