Le Secret de l'Éloquence
سر الفصاحة
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الطبعة الأولى ١٤٠٢هـ_١٩٨٢م
وحملناه على أحسن وجوهه وأجمل سبله وإيجابًا لحقهم الذي لا ينكر وإذعانًا لفضلهم الذي لا يجحد وعلما أنهم لم يؤتوا من ضلالة ولا كلال ذهن وفطنة ولكن لاستمرار هذه القضية في المحدثين وعمومها أكثر المخلوقين ومن الله نستمد التوفيق والمعونة برحمته.
فهذه الجملة تكشف لك عن نهج الاستعارة وتوضح كيف تقع الألفاظ موقعها في المجاز.
فأما الحقيقة فلا نحتاج فيها إلى مثال لأن أكثر الكلام على ذلك ولكن ها هنا ألفاظ قد وضعت في غير موضعها ليس على وجه الاستعارة ولا الحقيقة فإنا أذكر لك منها ما تجعله دليلا على الباقي وتعتبر في الكلام الذي تؤثر معرفة حظه من الفصاحة أن يكون خاليًا من مثل تلك الألفاظ بل كل كلمة منه موضوعة في موضعها اللائق بها إما حقيقة أو على وجه المجاز السائغ المختار الذي نبهتك على علمه. فمن تلك الألفاظ قول أبي تمام:
سعى فاستنزل الشرف اقتسارًا ... ولولا السعي لم تكن المساعي
فإن استنزال الشرف ليس بحقيقة فيه ولا على وجه الاستعارة الصحيحة لأن الشرف إذا حط وأنزل فقد وصف بما لا يليق به من الاذالة والخفض والمحمود في هذا أن يقال رفعت منار الشرف وشيدته فهو سام على الكواكب وعال عن درجة الأفلاك فأما استنزلته فلا يحسن في هذا الموضع البتة وقد كان يمكنه أن يعبر عن نيله الشرف ووصوله إليه بغير استنزاله. فإن الرجل الشريف الآباء لو ذم لكان أبلغ ما يذم به أن يقال حططت شرفك ووضعت منه وما يجرى هذا المجرى. فهذا هو وضع الألفاظ في غير الموضع الذي يليق بها.
ومن ذلك أيضًا قول أبي تمام:
جذبت نداه غدوة السبت جذبة ... فخر صريعًا بين أيدي القصائد
1 / 145