قلنا وأي مدحة في خلق الظلم والكفر والعناد على أنه سبحانه مختص بخلق الأسباب دون العباد وأيضا إذا قلنا خلقهم وخلق عبادتهم الأصنام لم يبق لقوله تعالى أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون معنى إذ لا معنى للإنكار إلا عدم جعلها أصناما تعبد فإن قالوا جعلنا ليس بإنكار بل استعلام قلنا هو محال من الخبير العلام. ومنه خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام قلنا فكان يلزم إيجاد أفعالهم في ستة أيام والمعلوم خلافه ومنه ونبلوكم بالشر والخير فتنة وبلوناهم بالحسنات والسيئات قلنا المراد الرخاء ومقابله كما سلف ومنه إن الإنسان خلق هلوعا قلنا مطبوع على الضعف عن تحمل المشاق ومنه وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها قلنا أمرهم بالطاعات ففسقوا مثل أمرته فعصا ودعوته فأبى أو يكون المعنى إنا إذا أردنا أن نهلك قرية من صفتها أنا أمرنا مترفيها ولا يكون أمرنا مترفيها من صلة القرية إن قالوا فلم يبق لإذا جواب قلنا هو من الاكتفاء قال الهذلي
حتى إذا سللوهم في قنابله
سلا كما تطرد الجمالة الشردا
فلم يأت بجواب إذا لأن البيت آخر الشعر وقيل التقدير إذا أمرناهم ففسقوا أردنا هلاكهم والتقديم والتأخير في كلام العرب كثير هذا.
Page 31