Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
وهكذا قدر لذو اليزن الذي ولد وتربى يتيما في كنف البسوس التي كانت قد اقتنصته اقتناصا من بين أحضان أمه، التي فرت بجلدها عائدة إلى قومها بالحجاز، عقب قتل التبع حسان لزوجها والد الطفل.
بعدها استماتت البسوس في اغتصاب الطفل الرضيع - ذو اليزن - من بين أحضان أمه ودفعت به إلى كبار المربين والحكماء ومعلمي الفروسية لينمو ويشب، متمرسا عن جدارة لحكم «حمير» وما يدور في فلكها من أقوام.
وها هي قد حانت فرصتها سانحة، حين وضعت بيديها الاثنتين تاج التباعنة على رأس «ذي اليزن»، عبر طقوس الأحزان الجنائزية التي صاحبت مراسم حفل تتويج التبع الجديد. - ذو اليزن.
حتى إذا ما انتهت عمة أبيه البسوس من ذلك تفرغت من فورها مبيتة وعاقدة النية على الانتقام لمقتل التبع حسان، حتى ولو استدعى الأمر اللجوء إلى المكائد والفتن واستخدام كل أساليب المناورة والخداع المؤدية إلى تحقيق أغراضها وغاياتها في الانتقام الأسود لدم التبع المهدور.
فهو ذاته الأسلوب - الدنيء - الذي لجأ إليه التغلبيون وحلفاؤهم «آل مرة» لقتل الملك التبع ليلة عرسه بدمشق.
فكانت كلما استمعت إلى تفاصيل المكيدة التي أودت بحياة التبع حسان، من عيونها وبصاصيها - شهود العيان - داخل قصر التبع، اشتعلت أكثر نيران حقدها وتأججت إلى حد أنها أصبحت لا تنام الليل. - يا لها من خيانة بشعة!
بل إن نسج الأقاويل والشائعات حول تفاصيل ما حدث تلك الليلة المشئومة داخل قصور الشام ولبنان، وصل بكامله إلى سمعها، ممهدا لها طريق خطتها الجديدة في الانتقام على ذات النمط «والوتيرة» التي أنهت حياة ابن أخيها وفي عقبه ابنه الصحصاح، وكاد أن يصل الأمر بعرش التباعنة إلى نقطة التأزم واللاعودة. - الخراب.
ومن هنا كان لجوء «الأميرة البسوس» إلى الحرب على ذات الوتر، أي وتر الخداع والتآمر وإيقاع الفتن والتحريض، وكل ما من شأنه تقويض أركان بيت بني مرة وبني ربيعة.
وفي مثل هذه الحالة، فمن هو أجدر من البسوس وأكثر باعا وعمقا وأغوارا في اختلاق مختلف صنوف فن الإيقاع، وفي زرع البغضاء والأحقاد وشراء الذمم. - من هو الأجدر في حمير لها؟!
فلا حد ولا نهاية لقدرتها هذه بالإضافة إلى ثرائها وسطوتها التي غدت مضرب الأمثال، بما يتيح لها استئجار أو استخدام البصاصين والملفقين من بلاد الشام وفلسطين طولا وعرضا.
Page inconnue