Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
وسرى الحماس متدفقا بين الجميع إلى حد المطالبة بتنصيبه تبعا على عرش أجداده.
إلا أن سيف بن ذي يزن رفض المثول لهذا المطلب المتعجل، إلى أن يحين أوانه، معطيا الأولوية لتجميع فلول جيش حمير معليا من ذراعها الضارب، في مواجهة العدوان والبطش الحبشي المتزايد ضد عاصمة التباعنة في أفريقيا - أحمرا - وهو العدوان الذي لا بد وأن يصل الجميع هنا في اليمن وتوابعها.
إن لم يكن اليوم، فغدا.
وهكذا استطاع سيف إعطاء الأولوية للتجمع والاستعداد للقتال منذ لحظة أن وطئت أقدامه عاصمة التباعنة، دون تردد أو إبطاء. - فسيف أرعد يطرق الآن كل الأبواب، ولن يهدأ له جفن إلى أن يحط برحاله على حصون التباعنة ليدكها دكا.
ودعم سيف اليزن دعواه، مشهرا من فوره محصلة الأخبار والمعلومات التي وصلته حول ضخامة ذلك الجيش المدجج الجرار الذي استدعى الملك أرعد فيالقه وكتائبه من السودان ومصر العليا وتلمسان وبلاد النوبة، وحشده في إثيوبيا تمهيدا للمسير والعدوان مواصلا تساؤلاته. - لمن؟ لصدورنا هنا في أحمرا العربية، ولا أحد غيرنا.
وهكذا نجح سيف باستخدام مهارته الخطابية والسياسية في إلهاب المشاعر العربية وتجميع طاقاتها التي كانت قد تبددت طويلا.
وهو ما دفع بشامة إلى أقصى حالات اندهاشها وانبهارها معا، من سرعة وصول الإمدادات والفيالق العربية، من الشباب المتطوعين، بخيولهم وسيوفهم المشهرة، وتدفق ذلك الحماس العربي من كل صوب وكيان، حول سيف بن ذي يزن، إلى درجة دفعت بشامة، إلى تناسي هواجسها ومخاوفها من ذلك الخطر المحقق الذي لن يفلت منه والدها - ملك أفراح - وقومها، وذلك من جراء قيام حبيبها سيف بقتل ابن أرعد ليلة اختطافها من قبله لإجراء طقوس سفك دمائها دون أدنى شعور بالذنب أو الحياء.
ومن هنا جاءت استجابتها لدعوى سيف اليزن بأن الحل والخلاص لن يتحقق إلا بالجهاد للقضاء على أصل الداء، وقبل استشرائه في أفريقيا وما يتاخمها من أقوام.
ومن هنا توارت أحزانها ومخاوفها، وهي تشهد بعينيها تشكيل نواة ذلك الجيش العربي، الذي تعالت قرقعة سلاحه وتدريباته اليومية على طول عاصمة التباعنة وبقية المدن والمعالم العربية، التي تنقلت فيها وزارتها شامة بصحبة التبع المنتظر سيف بن ذي يزن.
فزارت برفقته، حضرموت، وصعدة، وذي رعين، وعدن، وإرم - ذات العماد - وصنعاء، والبحرين، وصرواح، ومأرب، ومدائن صالح ويثرب واليمامة محرضة إلى جانبه على ضرورة التأهب والصحوة للقتال الذي حان أوان اندلاعه إن لم يكن قد تأخر كثيرا على حد تعبيرها.
Page inconnue