Sirat Muluk Tabacina
سيرة الملوك التباعنة: في ثلاثين فصلا
Genres
نزعت العروس شامة غطاء رأسها الحريري الملون على شكل تاج هائل الحجم الذي أعاقها عن الحركة والجري بأقصى سرعة، مسلمة ذراعها لسيف، وهما يقفزان ويدوران حول السراديب المظلمة باحثين عن منفذ للإفلات عبره.
إلى أن اعترضتهما فجأة شلة من حرس ابن ملك الأحباش - مقلقل - وعندما أحاطت بهما كتيبة الجند من كل جانب، دون دراية أو إدراك منهم لما حدث، أعمل سيف اليزن حسامه في رقابهم الواحد بعد الآخر، ملقيا ببعضهم من فوق أسوار القلعة الخربة.
حتى إذا ما انتهى سيف بن ذي يزن منهم وكانوا قرابة سبعة جنود، مدججين بالسيوف والحراب، أعاد من جديد اجتذاب حبيبته - شامة - من يدها مواصلين عدوهما، باتجاه السراديب الخلفية للقلعة التي كان سيف قد درس مسالكها المتعددة، بهدف تضليل كتيبة الجند الرابضة فوق أبراج الحصن الواقعة في أعلى أسوارها.
إلا أنه توقف مستديرا مسرعا حيث اعترضته كتيبة أخرى من الجند محيطة بهما هذه المرة من كل جانب مشددة حصارها، فواصل قتاله لهم الواحد بعد الآخر، إلى أن تمكن بحسامه من ثلاثة منهم، وفر الباقون عدوا عبر البراري والهول.
وسرعان ما اختطفت شامة بدورها خنجر سيف من غمده، وكلما قاربها أحدهم محاولا إعادة اختطافها، أردته بخنجرها صريعا.
وما إن نزلا الدرجات الحجرية للقلعة، حتى توقف سيف من فوره مستخرجا رقعة صغيرة من الجلد متأملا في لهفة، بينما شامة تمسح عنه عرقه وجبينه بأناملها الحانية وهي تشرئب ببصرها إليه دون صوت، حتى أعاد جذبها من معصمها. - من هنا، يمينا يمينا، هيا أسرعي.
وما إن انسلا خارجين من سرداب القلعة الموصل إلى أسوارها الجنوبية حتى تنفس سيف اليزن بعمق وهو يواصل عدوه إلى حيث تقف كوكبة من جنده وحراسه بعيدا بانتظارهما، وسريعا ما ألقوا إليهما بحبل ساعدهما على تسلق أسوار القلعة الجنوبية، في نفس اللحظة ذاتها التي وصل إلى أسماعهما جلبة صادرة عن مجموعة أخرى من حراس ابن ملك الأحباش - القتيل - وبأيديهم المشاعل الضخمة والسيوف اللامعة المشهرة، وهم يحاولون اللحاق بهما دائرين من فوق أسطح القلعة للإمساك بهما. - ها هم، يمينا، يمينا.
لحظتها كان سيف اليزن قد أنزل شامة التي ألقت بنفسها بين أحضانه، وامتطى الجميع ظهور خيولهم، وغابوا عدوا وسط أشجار الغابات الكثيفة العملاقة، إلى أن شارفوا مرفأ «جانبيا» على النيل، قادهما الحراس إليه، فنزل سيف اليزن عن حصانه، متجها إلى شامة فحملها بين ذراعيه، إلى أن دلفا إلى مركب صغير مختبئ بين الأحراش بينما واصل حرسه الركض باتجاه حرس ابن ملك الأحباش لإعاقتهم عن اللحاق بهما.
ودارت معركة حامية بين الجانبين حيث التحما وسط الغابات والأحراش، أعطت المزيد من الوقت الكافي لتحرك مركبتهما - سيف وشامة - وسط مياه النيل الفضية إلى أن اختفيا في الأفق البعيد. - أخيرا، عبرنا النيل العظيم يا شامة.
امتطيا ظهري جوادين عربيين كانا بانتظارهما بصحبة مجموعة أخرى من الحرس، وتسلقا بضع تلال باتجاه إحدى القرى، وسيف اليزن ما يزال يداعبها بقوله: أتقبلينني خطيبا بدلا منه؟
Page inconnue