والامام ساكت لم يرد عليهما جوابا وهما على وجل الامام قد لصق بالأرض إلى أن وصلا إليه وحاذياه بفرسيهما فوثب إليهما كالأسد وقبض بيده على رجلين من الفرسين فاندفق الفرس مثاني واندق صاحبه وسلط الأول على أم رأسه فانشج شجة عظيمة من حيث خرج من المضيق صارخا مستغيثا بقومه فبادروا إليه وقالوا له ما ورائك قال ورائي البحر المغرق والموت المفرق فقالوا صف لنا ما رأيت قال فاني رأيت ما لا يقدر القارئ على وصفه فقالوا ما هو لا أم لك فقال هل رأيتم رجلا يحمل فرسا براكبه، قالوا لا قال هذا الرجل لحمل فرسا براكبه ثم صدم به الاخر فدق الفرس وراكبه فلما سمع القوم ذلك ذهلوا وحاروا قالوا كيف يكون ذلك وكيف يتفق ان رجلا يفعل هذا الفعل فقال هاهو بباب المضيق فمن أراد ان يعلم الامر بالتحقيق فهذا بباب المضيق فينظر إلى ما نظرته من التصديق فلما فرغ من قوله حتى وثب المغضب بنفسه وصاح عليه وضربه بسيفه فقتله وقال له قبحتك اللاتي والعزى تبا بك ولمن ذكرت من الرجال هذا من لا يخاف سطوتي ثم قال احتفظوا على أنفسكم حتى أعود إليكم فقال له قومه أيها الملك معك أربعة آلاف فارس من صناديد العرب والسادات وتقدم أنت بنفسك دونهم ونحن نعلم أن فيك الكفاءة لأهل الأرض في الطول والعرض ولكن تخشى عليه ان يكون هذا من عمار الجان أو من الجن الأشرار فنخاف عليك من طوارقهم فقال لهم بحق اللاتي والعزى لابد لي من الدنو إليه فان كان من الانس قتلته وان كان من الجن أبدته ثم انه حزم وسطه وجرد سيفه وكان عدو الله عظيم الخلقة كبير الجثة شديد الهمة فتوجه الا إلى الامام وهو يبربر كالأسد وينشد ويقول أيها الطارق في ليل غسق وفاتكا فينا بسر قد سبق اني انا المغضب اسمي قد سبق اقطع الهامات في يوم قد سبق (قال الراوي) فلما سمع الامام قول المغضب علم أن كبير القوم ورئيسهم فقال هذا والله بغيتي ومرادي اللهم سهل ساعته قال واقبل عدو الله منفردا
Page 25