Le Siraj Munir
السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير
Genres
• (أن الله تعالى خلق يوم خلق السموات والأرض) أي أظهر تقديره لذلك يوم أظهر تقدير السموات والأرض (مائة رحمة) حصره في مائة على سبيل التمثيل وتسهيلا للفهم وتقليلا لما عند الخلق وتكثيرا لما عند الله سبحانه وتعالى وأما مناسبة هذا العدد الخاص فقال ابن أبي جمرة ثبت أن نار الآخرة تفضل نار الدنيا بتسعة وتسعين جزأ فإذا قوبل كل جزء برحمة زادت الرحمات ثلاثين جزأ فالرحمة في الآخرة أكثر من النقمة فيها ويؤيده قوله تعالى في الحديث القدسي غلبت رحمتي غضبي اه ويحتمل أن يكون مناسبة هذا العدد الخاص لكونه مثل عدد درج الجنة والجنة هي محل الرحمة فكانت كل رحمة بإزاء درجة وقد ثبت أنه لا يدخل أحد الجنة إلا برحمة الله تعالى فمن نالته منها رحمة واحدة كان أدنى أهل الجنة منزلة وأعلاهم من حصلت له جميع أنواع الرحمة وهذه الرحمات كلها للمؤمنين بدليل قوله تعالى وكان بالمؤمنين رحيما وأما الكفار فلا يبقى لهم حظ في الرحمة لا من جنس رحمات الدنيا ولا غيرها (كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض) أي ملء ما بينهما بفرض كونها جسما والمراد بها التعظيم والتكثير (فجعل منها في الأرض رحمة) قال القرطبي هذا نص في أن الرحمة يراد بها متعلق الإرادة وأنها راجعة إلى المنافع والنعم (فبها تعطف) أي تحن وترق (الوالدة على ولدها) أي من الإنس والجن والدواب (والوحش والطير ) أي والحشرات والهوام وغيرها (بعضها على بعض وادخر) أي امسك (عنده تسعا وتسعين فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة) أي ضمها إليها قال القرطبي مقتضى هذا الحديث أن الله علم أنواع النعم التي ينعم بها على خلقه مائة نوع فأنعم عليهم في هذه الدنيا بنوع واحد انتظمت به مصالحهم وحصلت به منافعهم فإذا كان يوم القيامة أكمل لعباده المؤمنين ما بقى فبلغت مائة فالرحمة التي في الدنيا يتراحمون بها أيضا يوم القيامة ويعطف بعضهم على بعض بها وقال المهلب الرحمة التي خلقها الله لعباده وجعلها في نفوسهم في الدنيا هي التي يتقاضون بها يوم القيامة التبعات بينهم وفي الحديث إشارة للمسلمين لأنه إذا حصل للإنسان من رحمة واحدة في هذه الدار المبنية على الأكدار الإسلام والقرآن # والصلاة والرحمة في قلبه وغير ذلك مما أنعم الله تعالى به فكيف الظن بمائة رحمة في الآخرة وهي دار القرار ودار الجزاء (حم م ن) عن سلمان الفارسي (حم ه) عن أبي سعيد الخدري
• (أن الله خلق الجنة) أي وجمع فيها كل طيب (وخلق النار) أي وجمع فيها كل خبيث (فخلق لهذه أهلا) وهم السعداء وحرمها على غيرهم (ولهذه أهلا) وهم الأشقياء وحرمها على غيرهم وزاد في رواية بعد قوله أهلا فهم بعملها يعملون وسببه كما في مسلم عن عائشة قالت نوفي صبي فقلت طوبى له عصفور من عصافير الجنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا تدرين أن الله فذكره قال العلقمي قال النووي أجمع من يعتد به عل أن من مات من أطفال المؤمنين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفا وتوقف فيهم بعض من لا يعتد به لهذا الحديث وأجاب العلماء عنه بأنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة فلما علم أخبرهم أنهم في الجنة (م) عن عائشة
• (أن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر) أي فيما شرعه لها من الأحكام ولم يشدد عليها كغيرها (وكره لها العسر) أي لم يرده بها ولم يجعله عزيمة عليها قال تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر (طب) عن محجن بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم (ابن الأدرع) بفتح الهمزة فمهملة ساكنة السلمى ورجاله رجال الصحيح
• (أن الله تعالى رفيق) أي لطيف بعباده فلا يكلفهم فوق طاقتهم (يحب الرفق) بكسر الراء وسكون الفاء بعدها قاف هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل (ويعطي عليه) أي في الدنيا من الثناء الجميل ونيل المطالب وتسهيل المقاصد وفي الآخرة من الثواب الجزيل (مالا يعطى على العنف) قال العلقمي قال في النهاية هو بالضم الشاق والمشقة وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشر مثله اه وقال ابن رسلان بضم العين فتحها وهو التشديد والتعصيب في الأشياء ويحتمل أن الرفق في حق الله بمعنى الحلم فإنه لا يعجل بعقوبته للعصاة بل يمهل ليتوب إليه من سبقت له السعادة ويزداد إثما من سبقت له الشقاوة قال القرطبي وهذا المعنى أليق بالحديث فإنه السبب الذي خرج عليه الحديث وسيأتي بيانه في أن الله يحب الرفق اه وقال المنوي والقصد به أي بهذا الحديث الحث على حسن الأخلاق والمعاملة مع الخلق وأن في ذلك خيري الدنيا والآخرة (خدد) عن عبد الله بن مغفل بضم الميم وفتح الغين وشدة الفاء (ه حب) عن أبي هريرة (حم هب) عن علي (طب) عن أبي أمامة البزار عن أنس بأسانيد بعضها رجاله ثقات
• (أن الله تعالى زوجني في الجنة مريم بنت عمران) أي حكم لي بجعلها زوجتي فيها (وامرأة فرعون) وهي آسية بنت مزاحم (وأخت موسى الكليم) صلى الله عليه وسلم وهي المشار إليها في قوله وقالت لأخته قصيه (طب) عن سعد بن جنادة
Page 369