102

Sirag al-muluk

سراج الملوك

Maison d'édition

من أوائل المطبوعات العربية

Lieu d'édition

مصر

ولها سرائر في الضمير طويتها نسي الضمير بأنها في طيه وفي معناه: ومستودعي سرًا كتمت مكانه عن الحس خوفًا أن ينم به الحس وخفت عليه من هوى النفس شهرة فأودعته من حيث لا تبلغ النفس وقال العتبي: أسر معاوية إلى عثمان بن عنبسة حديثًا، قال فقلت لأبي: إن أمير المؤمنين أسر إلي حديثًا أفما حدثك به؟ قال: لا. من كتم حديثه كان الخيار إليه، ومن أظهره كان الخيار عليه، فلا تجعل نفسك مملوكًا بعد أن كنت مالكًا! قلت: يا أبت أفيدخل هذا بين الرجل وابنه؟ قال: لا يا بني ولكن أكره أن تعود لسانك إفشاء السر. قال: فحدثت به معاوية قال: أعتقك أخي من ورق الخطا. وقيل لبعض الملوك: ما أصعب الأشياء على الإنسان؟ قال: أن يعرف نفسه ويكتم سره. وقال قيس بن الحطيم: أجود بمكنون التلاد وإنني بسرك عمن سالني لضنين إذا جاوز الاثنين سر فإنه يبث وتكثير الوشاة ممين وإن ضيع الأقوام سرًا فإنني كتوم لأسرار العشير أمين يكون له عندي إذا ما ضننته مكان سويداء الفؤاد مكين قال شيخنا: قلت الناس يقولون أراد بالاثنين المودع والمودع، ولا يبعد أن يريد به الشفتين. وكان يقال: أصبر الناس من صبر على كتمان سره فلم يبده لصديقه فيوشك أن يصير عدوا. وقد روى في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة. قلت: وإذا كانت أمانة حرمت فيها الخيانة كالأمانة في الأموال. وقال أبو بكر ابن حزم: إنما يتجالس المتجالسان بأمانة الله، فلا يحل لأحدهما أن يفشي على صاحبه ما يكره، وقال هشام بن عروة: ما من رجل ينتقص من أمانته إلا نقص إيمانه وقال جعفر بن عثمان: يا ذا الذي أودعني سره لا ترج أن تسمعه مني لم أجره قط على فكرتي كأنه لم يجر في أذني وكان عمرو بن العاص يقول: ما أفشيت من سري إلى رجل فأفشاه علي فلمته إذ كان صدري به أضيق. وقال الأحنف بن قيس: يضيق صدر أحدهم بسره حتى يحدث به غيره ثم يقول اكتمه علي! ومن أمثال الفرس: إذا أفشيت إلي سرك وأوصيتني أن لا أبوح بالسر فهلا أوصيت بهذا نفسك؟ وفي منثور الحكم: انفرد بسرك ولا تودعه حازمًا فيزل ولا جاهلًا فيخون. وأنشدوا: إذا المرء أفشى سره بلسانه ولام عليه غيره فهو أحمق إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه فصدر الذي يستودع السر أضيق وفي منثور الحكم: من أفشى سره كثر عليه المتآمرون. قال الشاعر: وسرك ما كان عند امرئ وسر الثلاثة غير الخفي وقال آخر: ولا تنطق بسرك كل سر إذا ما جاوز الاثنين فاشي وقال غيره: تبوح بسرك ضيقًا به وتبغي لسرك من يكتم وكتمان سرك فيما تخاف وفيما تحاذره أخرم إذا ذاع سرك من مخبر فأنت إذا لمته ألوم وقال آخر: إذا ما ضاق صدرك عن حديث وأفشته الرجال فمن تلوم؟ وإن عاتبت من أفشى حديثي وسري عنده فأنا الملومنن

1 / 104