فقلت وعن الصواب ما حلت: طغى طوغان طغيانا كثيرا فراح ببغيه منفى مقيد وشيخ الملك في عز ونصر وبالرحمن قد أضحى مؤيد (هزج) وفتح الله تعالى بتحصيل دمرداش وأسياده الكبير والصغير، لبئس المولى ولبئس العشير، وأحسنت إليهم غاية الإحسان، فنافقوا وارتدوا وكما تدين تدان، وهذه عاقبة النفاق، وما أحلى مصارع العشاق.
[33] وأما نوروز. فإنه أهلك البلاد والعباد وأكثر الفساد وأظهر العناد، وصادر الناس، بشدة البأس، وتعدى الحدود، وفرق بين الوالد والمولود، وظن أنه بلغ المأمول، وما علم أن كل راع عن رعيته مسؤول، فتوجه الناس إلى ربهم وتوسلوا بأشرف الخلف سيدنا محمد، وقالوا: "اللهم أغثنا بالملك المؤيد" فاستجاب الله تعالى دعاءهم، وبلغهم بنصرتك ورؤيتك مناهم، فتوجهت إليه بنية الجهاد، ومعك خواطر العباد من العباد، ورفقت بالعساكر في السير، وقصدت مقاصد الخير، فحصن المدين والقلعة والأصوار، وحصن نفسه بالحصار، وسد على نفسه المسالك والدروب، وما وجد سبيلا على عادته إلى الهروب، فجار في الحروب، ولو خرج إلى القتال، رأى الأهوال، فطال عليه المطال، وهو يحتال المحال، فأرسل الرسائل، وتوسل بالوسائل وما أنت عنه مسائل، فوقع في الحبائل، وما فاء بطائل، وتحصل وتقيد، وفتح الله تعالى بنصر الملك المؤيد، وتقيد من كان معه من الأعيان، وتفرقوا معتقلين في الحصون والبلدان، فدقت البشائر، وظهرت الدلائل والأشائر، وبانت الفائدة، وجعل الله تعالى الكلمة واحدة.
[34] التوجه إلى البلستين المرة الثانية . فتوجهت إلى حلب، وقد بلغت الأرب وجديت في الطلب، فأفلح من أقبل وخاب من هرب، وعميت بإنعامك الغني والصعلوك، واستبشرت بقدومك سائر الممالك والملوك، وفتحت البلاد، واطمأنت العباد، بالصواب والسداد، وركضت بعساكرك في الممالك الرومية، ورجعت مؤيدا منصورا من البلستين وملطيه.
[35] الدخول إلى القاهرة المحروسة في النوبة الرابعة مستهل شهر رمضان سنة [سبع] عشرة وثمانمائة. فخرج إلى الملتقى الخاص والعام، وكان عليهم أبرك الأيام، ومنهم من وصل في الملتقى إلى الشام، وزينت المدينة، بأفخر الزينة، وكانت الأفراح بذلك شهود، ويوم مجموع له الناس مشهود، وأنعمت بالخلع والهبات، وجاد فضلك بالأموال والصدقات، وأطلقت من الحبوس، واطمأنت بك النفوس، وجمعت السادة العلماء والطالبين، على قراءة البخاري حديث سيد المرسلين، تقبل الله منك الصلاة والصوم وختم في يوم عظيم.
فقلت في ذلك اليوم: الحمد لله الذي جمع شمل المحبين، على حديث سيد المرسلين، بالملك المؤيد، وأقام الشرع الشريف إماما للأمة والأئمة فأرشد، ونصب العلم علما للعلماء والحكام، فنصروه بالرايات والأعلام، ورعوا حق الرعية بحسن السياسة فأثنى عليهم في الكتاب المسطور. فقال تعالى (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر) ولله عاقبة الأمور، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي هدانا بحديثه القديم إلى صراطه المستقيم، وعلى آله وأصحابه وجمعنا بهم في جنات النعيم، وسلم تسليما كثيرا.
وبعد، فنبتدئ بمديح سيد المرسلين الذي سلكنا أحسن السلوك، ونختم هذا الختم الشريف بمدح سيد الملوك، وبالله المستعان، فقلت: سبحان موجد كون الخلق من عدم بقدرة خلق الإنسان في كبد بحسن تصوريه سوى فعدله والفهم زينته والنطق بالسدد وبالحواس معانيه منورة بسخطه ورضى البشر والندد وضحكه والبكا والعسر يسره فحال بشر في صورة الأسد وقلبه ملك بالعقل حكمته تدور في رأسه الروح في الجسد.
ثم اصطفاه وبالإسلام شرفه وبالهداية أهدى للهدى فهدى وأرسل المصطفى المختار سيدنا محمد الهادي الداعي إلى الرشيد أمده الله منه ثم أيده بنصره فهو المخصوص بالمدد أتى بدين هدانا من ضلالتنا ها شفاعته العظمى لها لغد قالت شفاعته لا تخض حر لظى يا برد ذاك الذي قالت على كبدي يا طالب العز في الدارين صل على خير البري كي تنجو من النكد واسمع أحاديثه فيها الشفاء لمن وعى الأحاديث بالأخبار والسند صحيحة اللفظ والمعنى منقحة كأنها جوهر في كف منتقد منقولة بروايات الشيوخ وما رووا رواياتها إلى يدا بيد عن الإمام البخاري الحبر مسندة كأنها الشمس لا تخفى على أحد شاعت له بركات أينما قرئت وفضلها شائع في الكون للأبد فالله يحفظ من أحيى قراءتها بعدله قاصد الخيرات في البلد شيخ الملوك الذي تروى محاسنه وقوله وافق القفال بالرشد تشارك العلما في البحث فظنته هداية نالها بالواحد الصمد حوى خصالا لها في الناس فائدة الجود بالمال والإقدام بالجلد فيه التواضع والإحسان للعلما وفيه السيف ما يخشى لكل ردي والعدل في الحكم لا تنسى سياسته أعيذ بالعلى الأعلى من الحسد فالله يبقيه للإسلام ي نعم والله يحفظه في الأهل والولد (بسيط) ومن حكم بالعدل والإنصاف، واتصف بهذه الأوصاف، استحق التفضيل على كثير من الناس، ومدح بنفائس الأنفاس.
وقلت: لما نشرت جواهرا في مالك طابت به السكان في الأوطان رصعت در المرقصات فأطربت وحلالي المنظوم بالسلطان (كامل) وقلت: مدحت شيخ الملك لما حمى بلاده حقا بلا منكر فاستمعوا يا سادتي مدحه أحلى من السكر والمسكر (سريع) وقلت: يا أيها الملك المؤيد في الورى أنعمت بالأوقات في أوقاتها لما تملكت البلاد جميعا وأذقتها بعد الممات حياتها وركبت في أقطارها بعساكر كالأسد في وثباتها وثباتها بشجاعة ومهابة وبهمة غابت أسود الأرض في غاباتها عمرتا وغمرتها بنواله فحلت وراقت وانجلت كرباتها عاشت وطابت أهلها واستوطنت والعدل ساري في جميع جهاتها (كامل) فسبحان من جعلك كهفا وملجأ للخائفين، فأيعذك بكهيعص وطه خاتم الأنبياء والمرسلين، كما فتحت الحج للمؤمنين، وأهديت بنور الفرقان، فجرعت الأعداء كؤوس الغصص، ولو أن الشعراء كالنمل ما أحصوا تواريخ الفصص، وصبحت بيوت التركمان كبيت العنكبوت وما بلغ أحد منهم ما يروم، وتلى في البلاد الرومية (آلم، غلبت الروم).
وقلت: أيا ملك العصر الذي عز نصره لقد بلغت نفس المحب مرامها ترقيت للعلياء حتى ملكتها وأصبحت يا شيخ الملوك إمامها وطابت بك الدنيا وطاب نعيمها وزان وجوه الكائنات ابتسامها وراقص فيها المطربات وكؤوسها وغنى عليها بالسرور حمامها وفي الحرب ورخنا سماعا ومنظرا ودارت على الأعداء كؤوس جمامها قلعت من الأرض الفساد وأهله وأقعدتها رعبا بقلعة شامها وذاقت بنظم الطعن نثر رؤوسها وسلمت الأعدا فتم سلامها تناول كلا منهم سهم صائب بأيدي كماة ليس يخطي سهامها وكل غريم صار يلقي غريمة وبلغها رب السماء غرامها وذلك فضل الله يؤتيه من يشا ليرفع أيام الحروب كرامها.
صفحة 39 فكانت ليوثا أو بدورا تهللت بشم قناها في بياض حسامها وكم فارس أضحى يروم إمارة وداهد صدقا باجتهاد فرامها ومهدت بالعدل البلاد بأسرها وأطفأت نيرانا يشب ضرامها وأشبعتم طير الفلاة ووحشها وحامت على هاماتها بهوامها وكانت خماصا بالصيام تعودت فحل بعيد النثر ترك صيامها وفطرت أكبادا وفتتت حسرة قلوب أعاد لا يرد سلامها فتحت بلادا جازها غير أهلها ورتبتها لم ملكت زمامها وجئت إلى القدس الشريف زيارة وزرت خليل الله وهو تمامها وأصبحت العباد يدعون بالبقا عقيب الصلاة في الدجى بقيامها ولم تمسكنا بعدلك أصبحت لك الخلق يدعو رؤوسها وعوامها وألقى عليها الله منك محبة مؤيدة حتى ترى في منامها ولما رأينا وجهك البدر مقبلا وما زال من بين البدور تمامها حمدنا إله الخلق شكرا وفرحة وسرت بك الدنيا وقام قوامها وراح بسيف الشرع من كان باغيا ومملكة الإسلام تم نظامها وعظمت أهل العلم فازددت رفعة ودولتك الغراء زاد احتشامها ووليت أرباب المناصب أهلها وحكمت أعيانا قبلت كلامها ودركت أدراك الدروب كبارها فذاقت حلال الرزق بعد حرامها وجئت إلى مصر عزيزا مؤيدا وكنت بحمد الله مسك ختامها (طويل) [36] التوجه إلى البحيرة والعرب ونقل الأمراء التراب على رقابهم. ولما توجه الركاب الشريف إلى العرب، وطلبوا النجاة لأنفسهم في الهرب، فمهدت البلاد وانصلحت أحوالها بعد الفساد، وأخذت الأموال والعيال وما نفعهم الاحتيال، فأقبلوا طائعين، فأحسنت إليهم (إن الله يحب المحسنين) ورجعت مؤيدا منصورا، وكان أمر الله قدرا مقدورا، ونظرت بعين التدبير، إلى تحويل البحر بالحفير، فاستعملت المملوك والأمير، ساويت بين الغني والفقير، والكبير والصغير، فعملوا الجد في مزاح، وقطعوا بانشراح.
Page inconnue