Cinéma et Philosophie : Que peuvent-ils s'apporter mutuellement ?
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Genres
وفي ظل غياب سبيل جيد يمكننا من الدفاع عن نظرية الاستمرارية الجسدية، لا يتبقى لنا سوى عنصر واحد لتفسير استمرارية شيلبي. شيلبي هو شخص واحد على الرغم من تقطع وعيه؛ لأن كل مرحلة من مراحل-الفرد (أي فترات تدفق الوعي اللامتقطع) التي يمر بها تحتفظ بخلفية مشتركة من ذكريات حياته قبل الحادث. ذكريات شيلبي عن زوجته المحتضرة، عن ممازحته لها حول الكتاب الذي تقرؤه (تقرؤه للمرة الثانية)، عن مداعبته لها بقرص فخذها (أم أكانت هذه ذكرى عن إعطائها حقنه الأنسولين؟) عن تجولها في أرجاء المنزل يعلو وجهها تعبير شارد مطمئن؛ تلك الذكريات، وذكريات أخرى شبيهة لا حصر لها، هي ما يضفي على حياة شيلبي تفردها، وما يجعل خطته للانتقام خطة وضعها رجل واحد، لا لجنة تضم مجموعة من نسخ مستقبلية لشيلبي. تخيل قصة الفيلم لو كانت تتضمن حرمان شيلبي من ذكرياته العرضية التي تسبق إصابته. سيبدو حينها أشبه بسلسلة من الحلقات الواعية المختلفة تربطها ببعضها واجهة خارجية: جسد يغطيه الوشم، ملف شرطي، صورة لسيارة مسروقة. لن يوجد حينها أي شيء يمكن تمريره من فرد منفصل إلى آخر.
الاستجابة إلى تحدي «تذكار»
تأمل فيلم «تذكار» يقودنا إلى إعادة تقييم نقدي لنظرية الاستمرارية النفسية للهوية الشخصية. قد تتكون الهوية الشخصية - أي استمرارية الشخص الواحد عبر الزمن ورغم التغيير - من مجموعة من مراحل الفرد تربط بينها الذاكرة العرضية، لكن «تذكار» يثبت لنا أن هذه الروابط قد تكون روابط غير مباشرة إلى حد كبير. يتذكر شيلبي حياته قبل إصابته الدماغية، لكنه لا يتذكر ما حدث له منذ عشر دقائق. ومع ذلك ربما يكفي هذا لضمان استمرارية هويته عبر الزمن. نعرض ها هنا صيغة لنظرية الاستمرارية النفسية للهوية الشخصية، وقد أجرينا تعديلا عليها كي تتلاءم مع التحدي الذي يطرحه الفيلم:
الاستمرارية النفسية الضعيفة
الشخص هو مجموعة من مراحل الفرد، ترتبط كل مرحلة منها (باستثناء أول مرحلة) عبر ذكريات عرضية بمرحلة فردية واحدة سابقة على الأقل.
ما مدى معقولية نظرية الاستمرارية النفسية الضعيفة؟ يشغل بال الفلاسفة مشكلة أخرى تتعلق بنظريات الاستمرارية النفسية للهوية الشخصية، وعلى ما يبدو تعمل نظرية الاستمرارية النفسية الضعيفة على تفاقم هذه المشكلة. نتحدث ها هنا عن مشكلة الانشطار. تخيل شخصا منقسما إلى اثنين، شخصا تحول إلى تيارين من الوعي، يرتبط كل منهما عبر الذاكرة العرضية بتيار وعي واحد، يرجع إلى ما قبل الانقسام.
9
أهو شخص واحد أم شخصان؟ لا يمكن أن يكون شخصا واحدا وشخصين في آن واحد. يزعم بعض الفلاسفة أنه في هذا الموقف يوجد شخصان: بالرغم من أن هذا الأمر لم يتضح إلا عند الانشطار، ظل هناك شخصان منفصلان طيلة الوقت.
10
لكن فلاسفة آخرين يعتبرون هذه الرؤية مفرطة في الغرابة. إن حالة شيلبي مثال على انشطار هائل، من بعض النواحي. فمع كل بضع دقائق يبرز تيار من الوعي غير متصل بتيارات الوعي المحيطة به عبر الذاكرة العرضية. ولا يظل هذا التيار موجودا لفترة كافية تسمح له بالتنافس مع تيارات الوعي الأخرى، لكنه غير متصل بالتيارات الأخرى القريبة منه. حسب نظرية الاستمرارية النفسية الضعيفة، لا تتمخض حالات الانشطار عن شخص واحد أبدا. لا يبدو هذا غريبا في حالة شيلبي؛ إذ لا يتداخل أي تيارين من تيارات الوعي لديه، وكل تيار منها يرجع أصله إلى سلف مشترك؛ وهو تيار الوعي لدى شيلبي قبل إصابته. رغم ذلك، قد تنطوي حالات الانشطار على ما هو أغرب بكثير. ماذا سيحدث عندما ينقسم شخص ما إلى تيارين منفصلين متزامنين من الوعي (يصحبهما جسدان)؟ حسب نظرية الاستمرارية النفسية الضعيفة، يظل الشخصان شخصا واحدا بصرف النظر عما يفعله كل تيار. لا ترتبط التيارات بعضها ببعض من خلال الذاكرة العرضية، لكنها ترتبط عبر الذاكرة العرضية بسلف مشترك. وهكذا يصبح تيار وعي ما رئيس البنك الدولي على سبيل المثال، بينما يصبح تيار وعي آخر أحد لصوص البنوك. أيمكننا حقا القول بأن رئيس البنك الدولي هو لص بنوك؟ (ربما يمكننا ذلك.) يبدو أننا في حاجة الآن إلى إعادة صياغة لنظريتنا. ربما كانت نظرية الاستمرارية النفسية الضعيفة شرطا ضروريا للهوية الشخصية، لكنه غير كاف. بعبارة أخرى، ربما تقترح نظرية الاستمرارية النفسية الضعيفة شرطا لا بد أن يفي به جميع الأفراد، لكن يوجد شرط آخر لا بد لهم أن يفوا به أيضا. فيما يلي نقدم اقتراحا لهذا الشرط:
Page inconnue