Cinéma et Philosophie : Que peuvent-ils s'apporter mutuellement ?
السينما والفلسفة: ماذا تقدم إحداهما للأخرى
Genres
مقدمة
نظرية المعرفة هي دراسة المعرفة والمفاهيم المرتبطة بها مثل الشك واليقين والتبرير والبرهان والتسويغ. تهيمن ثلاثة أسئلة على هذا المجال: ما هي المعرفة؟ ما الذي يمكن معرفته؟ كيف نعرف ما نعرفه (إذا كنا نعرف أي شيء على الإطلاق)؟ ربما تبدو تلك الأسئلة مملة نوعا ما رغم كونها مهمة وتستحق الطرح، لكن الأمور تزداد إثارة مع مجيء المتشككين. المتشكك هو من ينكر المعرفة؛ في وسعه إنكار أننا نعرف ما نظن أننا نعرفه، أو في وسعه إنكار أن واحدا أو أكثر من المناهج التي نستخدمها لاكتساب المعرفة قادر فعليا على تحصيل المعرفة. المتشكك في عقول الآخرين، على سبيل المثال، ينكر أننا نعرف أي شيء عن عقول الآخرين، أو حتى ما إذا كان لدى الآخرين عقول. ينكر المتشكك في الأديان أننا نعرف أي شيء عن الله، بما في ذلك وجوده. ربما كان النوع الأعلى طموحا من المتشككين هو ما عبر عنه الفيلسوف الفرنسي العظيم رينيه ديكارت في القرن السابع عشر، وهو المتشكك المطلق، الذي يزعم أننا لا نعرف شيئا سوى أننا موجودون. (أنا أعرف أنني موجود لأنني لا أستطيع الشك في وجودي شكا مترابطا من الناحية المنطقية. فعندما أفكر مليا في سؤال «هل أنا موجود أم لا؟» فذلك يعني حتما وجود من يفكر؛ وهو أنا في هذه الحالة. لخص ديكارت ذلك في عبارته «أنا أشك، إذن أنا موجود».)
أحد أكثر أنواع المتشككين إثارة للاهتمام هو المتشكك في المعرفة الحسية، الذي ينكر أننا نعرف أي شيء على الإطلاق بناء على ملاحظتنا للعالم؛ فهو ينكر أن حواسنا هي مصدر للمعرفة؛ لأنها غير مضمونة ولا يقينية بما يكفي لإمدادنا بالمعرفة عن العالم. العلوم كافة، باستثناء الرياضيات، قائمة على معلومات جمعتها حواسنا، وهكذا إذا لم تكن حواسنا تنتج معرفة، فإن العلم لا ينتج معرفة بدوره. يستنتج بعض المتشككين في المعرفة الحسية أننا لا نستطيع حتى أن نعرف ما إذا كان العالم الخارجي موجودا! إلى هذا الحد تصل الشكوكية في المعرفة الحسية! لتبسيط الأمور، سنستخدم مصطلح «المتشككين» للإشارة إلى هذا النوع تحديدا من الشكوكية، لكن على القارئ تذكر أننا نتحدث عن نوع واحد من مجموعة محيرة ومتنوعة من المتشككين.
ينبع قدر كبير من أفضل ما تمخضت عنه عقول المشتغلين بنظرية المعرفة المعاصرة، من محاولات تفنيد مزاعم المتشككين في المعرفة الحسية، وهي محاولات جديرة بالجهد؛ لا لأن المتشكك شخص مزعج ومستفز فحسب، بل لأننا عندما نفند مزاعمه نلقي ضوءا نحن في أمس الحاجة إليه على طبيعة المعرفة. فيتضح أن المعرفة أمر معقد ومثير للجدل. ونخوض معركة علم المعرفة المعاصر مع المتشككين مسترشدين بفيلم أرنولد شوارتسنيجر «استعادة كاملة» (1990). كثير من الأفلام الرائعة تستحضر الشكوكية وتستكشف جوانبها بطريقة أو بأخرى، لكن فيلم «استعادة كاملة» هو حالة خاصة على الأقل من منظور متخصص علم المعرفة المعاصر.
1
وسرعان ما سنعرف أسباب ذلك.
تدور أحداث فيلم «استعادة كاملة» عام 2048 على كوكب الأرض، حيث يحلم دوجلاس كويد بكوكب المريخ. يتوق كويد إلى السفر إلى هناك كي يزور مستعمرة المريخ، لكن زوجته لوري ترفض الفكرة كليا؛ ومن ثم عوضا عن السفر يوافق على خوض رحلة افتراضية إلى المريخ، تعرضها شركة مريبة تدعى ريكال. تعد الشركة بزرع ذكريات داخل دماغه عن إجازة على كوكب المريخ بدلا من قضاء إجازة فعلية هناك، تتسم رغم كل شيء بكونها طويلة وشاقة، ومليئة بلحظات الملل. (الافتراض السائد في الفيلم هو أن الإجازات الحقيقية ليست سوى طريقة غير مريحة لجمع الذكريات السعيدة. وهو افتراض سخيف قطعا، لكن دعونا نقبله.) يوافق كويد على شراء عرض أفضل من العرض العادي فيختار مغامرة من الدرجة الأولى على كوكب المريخ تدعى «سماء زرقاء فوق المريخ»، حيث يلعب دور عميل سري يخوض أخطر مغامرة في حياته تتوج بفوزه بفتاة أحلامه (وهي الفتاة التي كانت تظهر فعليا في أحلامه) وإنقاذه للكوكب. لكن بينما يخضع لعملية زرع الذكريات، يحدث خطأ مروع.
يقاطع كويد سير عملية زرع الذكريات صارخا بشيء ما يتهمهم من خلاله بكشف هويته السرية، فيقيد ويخدر ويلقى في سيارة أجرة تأخذه إلى منزله حيث يتعرض لمحاولة قتل على يد زوجته، التي يتضح أنها لا تمت له بصلة؛ ثم يحاول مجموعة أشخاص آخرين قتله كذلك، ثم تصله بعد ذلك حقيبة غامضة يستعين بها كي يهرب إلى كوكب المريخ حيث يقابل ميلينا (واحدة من المتمردين الذين يقاتلون حاكم المريخ المستبد كوهاجين). يخوض كويد وميلينا سلسلة من المغامرات الجامحة تتمخض في النهاية عن تحويل الغلاف الجوي لكوكب المريخ ليماثل غلاف كوكب الأرض.
2 (وبفضل تقنية قديمة ابتكرتها كائنات فضائية يستغرق التحول الكامل لغلاف المريخ الجوي دقيقة واحدة و45 ثانية تقريبا، إنها حقا تقنية رائعة!) ذلك ملخص مختصر لأحداث الفيلم، يتخطى تقريبا جميع التطورات والتحولات المفاجئة في تلك الحبكة السخيفة والمسلية لدرجة استثنائية، لا سيما التعقيدات المتعلقة بأزمة الهوية لدى كويد ودوره غير المتعمد في مؤامرة تهدف إلى تدمير قيادة المتمردين المريخيين.
3
Page inconnue