ومهما تكن أناقة الحفلات وروعتها وتوافر جميع عناصر البهجة فيها فلم تكن تخلو أيضا من سيدات صنعهن مراد خصيصا لهذه الحفلات، وكن بطبيعة الحال يدرين مصيرهن المحتوم إذا تجرأت واحدة منهن وأذاعت من أمر هذه المهرجانات ما ينبغي أن يظل مستورا في طي الكتمان.
ولم يكن مراد حريصا أن يكون المدعوون كثرة. بل هم قلة يعرف كل منهم - قبل أن يأتي - أسماء المدعوين القادمين معه.
ولم يكن مراد يعنى أي عناية باسم التنظيم الذي ينضوي تحت لوائه.
فهو مع هيئة التحرير، وهو في الاتحاد القومي، وهو مستعد أن يكون في أي تجمع ما دام على صلة بالأعمدة الكبرى من هذا التنظيم.
17
لم تمنع الحفلات مراد أن ينجب من محبوبة طفلا وأسماه أيمن. فقد جاء الطفل ويمن الطالع يفرش ظلاله على حياة مراد أكثر مما كان يتوقع.
ولم تمنعه مشاغله في القاهرة أن يلم بنازلي ودياب، فكان يشهد تقدم دياب في الدراسة وتفوقه تفوقا ملحوظا. بل إنه أيضا عرف مبادئ اللغة الفرنسية وراحت أمه تغدق عليه من كتب هذه اللغة ما يناسب سنه.
وكانت نازلي تعلم كل العلم أن مجيء مراد إلى بيته في البلدة ليس رعاية لحقوقها أو حقوق ابنها فقد كانت تعلم أنه أصبح شريكا للفلاحين في بهائمهم، ولكل التجار في تجارتهم، وكانت تعلم أن جميع شركائه في غاية السعادة بهذه المشاركة. فقد ضمنوا أن لهم ظهرا قويا يستندون إليه.
ولم تعجب نازلي حين زار أبوها زوجها في البلدة، وعرض عليه أن يشاركه في ماكينة الطحين التي يملكها والتي آن لها أن تعفى من الخدمة، وتحل محلها أخرى حديثة.
وهكذا اطمأنت نازلي إلى ما فعلته حين علمت أن مراد تزوج عليها وحين رفضت أن تترك بيتها إلى بيت أبيها. فما كان أبوها ليناصرها إذا لجأت إليه. •••
Page inconnue